ولما كان هذا كناية عن سعة الرزق وعظم الجاه، وكان من بسط له في المال والولد والجاه تتوق نفسه إلى إتمام ذلك بالحفظ والتيسير، قال مستعطفاً لما كان هكذا بالتذكير بنعمه :﴿ومهدت﴾ أي بالتدريج والمبالغة ﴿له﴾ أي وطأت وبسطت وهيأت في الرئاسة بأن جمعت له إلى ملك الأعيان ملك المعاني التي منها القلوب، وأطلت عمره، وأزلت عنه موانع الرغد في العيش، ووفرت أسباب الوجاهة له حتى دان لذلك الناس، وأقام ببلده مطمئناً يرجع إلى رأيه الأكابر، قال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ : وسعت له ما بين اليمن إلى الشام فأكملت له من سعادة الدنيا ما أوجب التفرد في زمانه من أهل بيته وفخذه بحيث كان يسمى الوحيد وريحانة قريش فلم يزع هذه النعمة العظيمة : وأكد ذلك بقوله :﴿تمهيداً ﴾.
ولما كان قد فعل به ذلك سبحانه، فأورثته هذه النعمة من البطر والاستكبار على من خوله فيها ضد ما كان ينبغي له من الشكر والازدجار، قال محققاً أنه سبحانه هو الذي وهبها له وهو الواحد القهار، مشيراً بأداة التراخي إلى استبعاد الزيادة له على حالته هذه من عدم الشكر :﴿ثم﴾ أي بعد الأمر العظيم الذي ارتكبه من تكذيب رسولنا ـ ﷺ ـ ﴿يطمع﴾ أي بغير سبب يدلي به إلينا مما جعلناه سبب المزيد من الشكر :﴿أن أزيد﴾ أي فيما آتيته من دنياه أو آخرته وهو يكذب رسولي ـ ﷺ ـ.


الصفحة التالية
Icon