«وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» نفاق وشك وريب «وَالْكافِرُونَ» من المشركين «ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا» أي ما معنى هذا العدد العجيب ولأي شيء اختاره على غيره، وهذه الآية من الإخبار بالغيب قبل الوقوع فهي من معجزاته صلى اللّه عليه وسلم لأنه أعلم بإعلام اللّه إياه بأنه سيكون منافقون يرتابون في هذا القرآن، لأن هذه السورة مكية بالاتفاق ولا يوجد زمن نزولها منافقون، والنفاق ظهر بالمدينة، ولهذا جاء الفعل بلفظ المستقبل «كَذلِكَ» مثلما أضل اللّه منكري عدد الخزنة «يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ» من غيرهم ممن اقتفى آثار الكفر وأعرض عن الإيمان «وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ» ممن آمن به وصدق رسله «وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ» الذين من جملتهم خزنة جهنم «إِلَّا هُوَ» وحده لأن ملائكته لا يحصون وهذا كالجواب للخبيث أبي جهل لقوله : ما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر، أي له أعوان كثيرون لا يعلمهم إلا اللّه، فكما أن مقدراته غير متناهية فكذلك جنوده، وإن الواحد منهم كاف لخراب الدنيا بما فيها، راجع الآية ٨١ من سورة هود في ج ٢ «وَما هِيَ» أي سقر الموصوفة آنفا «إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ ٣١» وموعظة وما مواعظ القرآن وآياته إلا عبرة للناس يتذكرون بها «كلّا» إن البشر لا يتعظون بها ولهذا فانه تعالى أقسم جل قسمه فقال «وَالْقَمَرِ ٣٢» الذي جعلته نورا لخلقي «وَاللَّيْلِ» الذي خلقته راحة لعبادي «إِذْ أَدْبَرَ ٣٣» ولّى وقرىء دبر بمعنى أدبر كقبيل بمعنى اقبل تقول دبرني فلان جاء خلفي والليل يأتي خلف النهار «وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ٣٤» اعترض مضيئا بالأفق وقرىء سفر وقد أقسم اللّه بها لعظم منافعها كما لا يخفى وجوب القسم لهذه الأيمان الثلاث قوله جل قوله «إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ٣٥» الأمور العظام لأنها احدى دركات النار السبعة وهي : ١ جهنم، ٢ والحطمة، ٣ لظى، ٤ السعير، ٥ سقر، ٦
الجحيم، ٧ الهاوية.
وكل واحدة منها داهية دهماء عظيمة في البلاء جعلت «نَذِيراً لِلْبَشَرِ ٣٦» قال الحسن واللّه ما أنذر بشيء أدهى من النار وهذا النذير قد حصل للجميع «لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ» أيها الناس «أَنْ يَتَقَدَّمَ» للطاعة ويبادر لفعل الخير فينجو منها «أَوْ يَتَأَخَّرَ ٣٧»