" دبر " معناه انقضى و" أدبر " معناه تولى. وفي مصحف ابن مسعود وأبيّ بن كعب " إذ أدَبر " بفتح الدال وألف وبفعل رباعي وهي قراءة الحسن وأبي رزين وأبي رجاء ويحيى بن يعمر. وسأل مجاهد ابن عباس عن دبر الليل فتركه حتى إذا سمع المنادي الأول للصبح قال له : يا مجاهد، هذا حين دبر الليل، وقال قتادة : دبر الليل ولى. قال الشاعر [ الأصمعي ] :[ الكامل ]
وأبي الذي ترك الملوك وجمعهم... بهضاب هامدة كأمس الدابر
والعرب تقول في كلامها كأمس المدبر، قال أبو علي الفارسي : فالقراءتان جميعاً حسنتان و" أسفر الصبح " أضاء وانتشر ضوءه قبل طلوع الشمس بكثير والإسفار رتب أول ووسط وآخر، ومن هذه اللفظة السَّفر، والسفر بفتح السين، والسفير وسفرت المرأة عن وجهها كلها ترجع إلى معنى الظهور والانجلاء، وقرأ عيسى بن الفضيل وابن السميفع :" إذا اسفر "، فكأن المعنى طرح الظلمة عن وجهه وضعفها أبو حاتم، وقوله تعالى :﴿ إنها لإحدى الكبر ﴾ قال قتادة وأبو رزين وغيره : الضمير لجهنم، ويحتمل أن يكون الضمير للنذارة، وأمر الآخرة فهو للحال والقصة، وتكون هذه الآية مثل قوله عز وجل
﴿ قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ﴾ [ ص : ٦٨ ]، و﴿ الكبر ﴾، جمع كبيرة، وقرأ جمهور القراء " لإحدى " بهمزة في ألف إحدى، وروي عن ابن كثير أنه قرأ " لاحدى " دون همزة، وهي قراءة نصر بن عاصم، قال أبو علي : التخفيف في ﴿ لإحدى الكبر ﴾، أن تجعل الهمزة فيها بين بين، فأما حذف الهمزة فليس بقياس وقد جاء حذفها. قال أبو الأسود الدؤلي :[ الكامل ]
يا أبا المغيرة رب أمر معضل... فرجته بالنكر مني والدّها
وأنشد ثعلب :[ الكامل ]
إن لم أقاتل فالبسوني برقعا... وفتخات في اليدين أربعا