قال القاضي أبو محمد : هو بيان في النذارة وإعلام أن كل أحد يسلك طريق الهدى والحق إذا حقق النظر، اي هو بعينه يتأخر عن هذه الرتبة بغفلته وسوء نظره ثم قوي هذا المعنى بقوله :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة ﴾ إذ ألزم بهذا القول أن المقصر مرتهن بسوء عمله. وقال الضحاك : المعنى كل نفس حقت عليها كلمة العذاب، ولا يرتهن تعالى أحداً من أهل الجنة إن شاء الله، والهاء في ﴿ رهينة ﴾ للمبالغة، أو على تأنيث اللفظ لا على معنى الإنسان وقوله تعالى :﴿ إلا أصحاب اليمين ﴾ استثناء ظاهر الانفصال، وتقديره لكن أصحاب اليمين، وذلك لأنهم لم يكتسبوا ما هم به مرتهنون، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :﴿ أصحاب اليمين ﴾ في هذه الآية، أطفال المسلمين، وقال ابن عباس : هم الملائكة، وقال الضحاك : هم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، وقال الحسن وابن كيسان : هم المسلمون المخلصون وليسوا بمرتهنين، ثم ذكر تعالى حال ﴿ أصحاب اليمين ﴾ وأنهم في جنات يسأل بعضهم بعضاً عمن غاب من معارفه، فإذا علموا أنهم مجرمون في النار، قالوا لهم أو قالت الملائكة :﴿ ما سلككم في سقر ﴾ ؟ وسلك معناه : أدخل، ومنه قول أبي وجزة السعدي :
حتى سلكن الشوى منهن في مسك... من نسل جوابة الآفاق مهداج
قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣)