وعن الحسن والأعرج ومجاهد، فأما فتح الفاء فمعناها استنفرها فزعها من القسورة، وأما كسر الفاء فعلى أن نفر واستنفر بمعنى واحد مثل عجب واستعجب وسخر واستسخر فكأنها نفرت هي، ويقوي ذلك قوله تعالى ﴿ فرت ﴾ وبذلك رجح أبو علي قراءة كسر الفاء، واختلف المفسرون في معنى القسورة فقال ابن عباس وأبو موسى الأشعري وقتادة وعكرمة :" القسورة " الرماة، وقال ابن عباس أيضاً وأبو هريرة وجمهور من اللغويين :" القسورة " الأسد، ومنه قول الشاعر :[ الرجز ]
مضمر تحذره الأبطال... كأنه القسورة الرئبال
وقال ابن جبير :" القسورة " : رجال القنص، وقاله ابن عباس أيضاً، وقيل :" القسورة " ركز الناس، وقيل :" القسورة " الرجال الشداد، قال لبيد :
إذا ما هتفنا هتفة في ندينا... أتانا الرجال العاندون القساور
وقال ثعلب :" القسورة " سواد أول الليل خاصة لآخره أو اللفظة مأخوذة من القسر الذي هو الغلبة والقهر، وقوله تعالى :﴿ بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشرة ﴾ معناه من هؤلاء المعارضين، أي يريد كل إنسان منهم أن ينزل عليه كتاب من الله، وكان هذا من قول عبد الله بن أبي أمية وغيره. وروي أن بعضهم قال إن كان يكتب في صحف ما يعمل كل إنسان فلتعرض ذلك الصحف علينا فنزلت الآية، و﴿ منشرة ﴾ : معناه منشورة غير مطوية، وقرأ سعيد بن جبير " صحْفاً " بسكون الحاء وهي لغة يمانية، وقرأ :" منْشرة " بسكون النون وتخفيف الشين، وهذا على أن يشبه نشرت الثوب بأنشر الله الميت إذا لطى كالموت، وقد عكس التيمي التشبيه في قوله :[ الكامل ]
ردت صنائعه عليه حياته... فكأنه من نشرها منشور