وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) ﴾
قرأ جمهور السبعة :" لا أقسم بيوم القيامة. ولا أقسم بالنفس اللوامة " وقرأ ابن كثير والحسن بخلاف عنه والأعرج " لأقسم بيوم القيامة ولأقسم بالنفس "، فأما القراءة الأولى فاختلف في تأويلها فقال ابن جبير :" لا " استفتاح كلام بمنزلة ألا وأنشدوا على ذلك [ المتقارب ]
فلا وأبيك ابنة العامري... لا يعلم القوم أني أفر
وقال أبو علي الفارسي :" لا " صلة زائدة كما زيدت في قوله ﴿ لئلا يعلم أهل الكتاب ﴾ [ الحديد : ٢٩ ] ويعترض هذا بأن هذه في ابتداء كلام. ولا تزاد " لا " وما نحوها من الحروف إلا في تضاعيف كلام. فينفصل عن هذا بأن القرآن كله كالسورة الواحدة وهو في معنى الاتصال فجاز فيه هذا، وقال الفراء :" لا " نفي لكلام الكفار وزجر لهم ورد عليهم، ثم استأنف على هذه الأقوال الثلاثة قوله :﴿ أقسم ﴾، ويوم القيامة أقسم الله به تنبيهاً منه لعظمه وهوله. وقوله تعالى :" ولا أقسم بالنفس اللوامة " القول في " لا " على نحو ما تقدم، وأما القراءة الثانية فتحتمل أمرين، إما أن تكون اللام دخلت على فعل الحال، التقدير لأنا أقسم فلا تلحق لأن النون نون التوكيد إنما تدخل في الأكثر لتفرق بين فعل الحال والفعل المستقبل فهي تلزم المستقبل في الأكثر، وإما أن يكون الفعل خالصاً للاستقبال فكأن الوجه والأكثر أن تلحق النون إما الخفيفة وإما الثقيلة، لكن قد ذكر سيبويه أن النون قد تسقط مع إرادة الاستقبال وتغني اللام عنها كما تسقط اللام وتغني النون عنها وذلك في قول الشاعر :[ الكامل ]
وقتيل مرة أثأرن فإنه... فرغ وإن قتيلهم لم يثأر


الصفحة التالية
Icon