وقال الأخفش :
سورة ( القيامة )
﴿ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾
قال ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ أي: على أَنْ نَجْمعَ. أي: بَلَى نَجْمَعُها قادِرِين. وواحد "البَنَانِ": بَنَانَةٌ.
﴿ يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ﴾
وقال ﴿أَيْنَ الْمَفَرُّ﴾ أيْ: أينَ الفِرار. وقال الشاعر: [من المديد وهو الشاهد الثالث والسبعون بعد المئتين]:
يا لَبَكْرِ أنْشرُوا لِي كُلَيْبَاً * يا لَبَكْرِ أَيْنَ أَيْنَ الفِرار
لأنَّ كلَّ مصدرٍ يُبنى هذا البناء فانما يجعل "مَفْعَِلاً" واذا أراد المكان [١٧٩ ب] قال ﴿المَفِرّ﴾ وقد قرئت ﴿أَيْنَ المَفِرّ﴾ لأنَّ كلَّ ما كانَ فعلُه على "يَفْعِل" كان "المَفْعِل" منه مكسورا نحو "المَضْرِب" اذا أردت المكان الذي يضرب فيه.
﴿ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾
وقال ﴿بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ فجعله هو البصيرة كما تقول للرجل: "أَنْتَ حُجَّةٌ على نَفْسِكَ".
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾
[و] قال ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ﴾ أيْ: حَسَنَةٌ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ يعني - و الله أعلم - بالنظر إلى الله إلى ما يأتيهم من نعمه ورزقه. وقد تقول: "وَ اللهِ ما أَنْظُرُ إِلاَّ إِلَى اللهِ وإِلَيْكَ" أي: انتظر ما عند الله وما عندك. (١)
﴿ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى ﴾
وقال ﴿فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى﴾ أي: فَلَمْ يصدّق ولم يصلّ. كما تقول "ذَهَبَ فَلاَ جاءَني ولا جاءَك".
_________
(١) هذا رأى فاسد للمعتزلة فى تأويلهم السخيف لآيات الرؤيا وهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع المسلمين سلفا وخلفا على ثبوت الرؤيا لله تعالى فى الجنة للمؤمنين وهذه إحدى سقطات الأخفش والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon