وروى مسلم عن صهيب ان رسول اللّه قال إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار قال فيكشف الحجاب فما اعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم والأحاديث في هذا الباب كثيرة عن ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأبي رزين العقيلي وقد خرجها أبو داود والترمذي وغيرهما، واعلم بان الأحاديث التي يتشهد بها على معاني الآيات في هذا التفسير لا نعتي بها أن حضرة الرسول قالها عند نزول الآيات وخاصة المكيات لا وإنما كان صلّى اللّه عليه وسلم يقولها عند حدوث سؤال أو وقوع حادثة أو حالة وعظ وخطبة، تدبر.
هذا واعلم أن من لم يقنع بهذا فلو أتيته بما في الدنيا لا يصدقه على حد قوله تعالى (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) الآية ١٤٤ من البقرة في ج ٣ وهؤلاء كذلك من هذه الحيثية ولعلهم إن أصروا يدخلون في قوله جل قوله "وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ ٢٤" كالحة عابسة مكفهرة مقطبة أجارنا اللّه (تَظُنُّ) أيها الإنسان وتيقن وتحقق "أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ٢٥" شيء عظيم يقصم فقار الظهر وذلك حين ترى ما ناله السعداء من نعيم الآخرة ورحمة ربها حينما تمر بين أهل الجنة وأهل النار (كلا) زجر وردع عن إيثار الدنيا على الآخرة وتنبيه إلى حالة الموت المبينة بقوله (إِذا بَلَغَتِ) الروح الدال عليها سياق الكلام ويجوز في مثله أن يعود الضمير إلى غير مذكور قال تعالى (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ)
الآية ٣٢ من سورة ص الآتية أي الشمس لم تذكر ولكن سياق الكلام أو سياق المعنى دل عليها وجاء مثله في قول حاتم :
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر