ولما كان بيان كلماته ونظومه على أي وجه سمعه من مثل صلصلة الجرس وغيرها وبيان معانيه وما فيه من خزائن العلم من العظمة بمكان يقصر عنه الوصف، أشار إليه بأداة التراخي، فقال دالاً على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، مشعراً بأنه كان يعجل بالسؤال عن المعنى كما كان يعجل بالقراءة :﴿ثم﴾ وأكد ذلك إشارة إلى أنه لعظمه مما يتوقف فيه فقال :﴿إن علينا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿بيانه﴾ أي بيان ألفاظه ومعانيه لك سواء سمعته من جبريل عليه الصلاة والسلام على مثل صلصلة الجرس أو بكلام الناس المعتاد بالصوت والحرف، ولغيرك على لسانك وعلى ألسنة العلماء من أمتك، والآية مشيرة إلى ترك مطلق العجلة لأنه إذا نهى عنها في أعظم الأشياء وأهمها كان غيره بطريق الأولى، روى البخاري في تفسير الآية في أول صحيحه وآخره عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال :" كان النبي ـ ﷺ ـ يعالج من التنزيل شدة، كان يحرك شفتيه، قال سعيد بن جبير : قال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ : فأنا أحركهما لك كما كان رسول الله ـ ﷺ ـ يحركهما " فأنزل الله عز وجل الآية حتى قال : جمعه في صدرك ثم تقرأه ﴿فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾ [ القيامة : ١٨ ] قال : فاستمع له وأنصت ثم إن علينا أن تقرأه، قال فكان رسول الله ـ ﷺ ـ إذا أتاه جبريل عليه الصلاة والسلام استمع مطرقاً فإذا انطلق جبريل عليه الصلاة والسلام قرأه النبي ـ ﷺ ـ كما أقرأه جبريل عليه الصلاة والسلام كما وعده الله بكفالة قوله تعالى :﴿فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً﴾ [ الجن : ٢٧ - ٢٨ ].