ولما كان الإنسان، لما له من النقصان، لا ينفك غالباً عن كفر ما، أتى بصيغة المبالغة تنبيهاً له على ذلك معرفاً له أنه لا يأخذه إلاّ بالتوغل فيه ليعرف نعمة الحلم عنه فيحمله الخجل على الإقبال على من يرضى منه بقليل الشكر، ويحتمل أن يفهم ذلك أن من كفر نعمة واحدة فقد كفر الجميع فصار بليغ الكفر فقال :﴿وإما كفوراً﴾ أي بليغ الكفر بالإعراض والتكذيب وعبادة الغير والمعاندة فإحسانه غير موف إساءته مفرطة، وبدأ بالشكر لأنه الأصل، روى الشيخان عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال :" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " الحديث، ورواه أحمد بن منيع عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ، ورواه الإمام أحمد عن جابر ـ رضى الله عنه ـ ولفظه :" كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه إما شاكراً وإما كفوراً " رواه الإمام أحمد أيضاً وأبو يعلى عن الأسود بن سريع ـ رضى الله عنه ـ. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٨ صـ ٢٥٩ ـ ٢٦٥﴾