فصل


قال الفخر :
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (١) ﴾
اتفقوا على أن ﴿هَلُ﴾ ههنا وفي قوله تعالى :﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية﴾ [ الغاشية : ١ ] بمعنى قد، كما تقول : هل رأيت صنيع فلان، وقد علمت أنه قد رآه، وتقول : هل وعظتك هل أعطيتك، ومقصودك أن تقرره بأنك قد أعطيته ووعظته، وقد تجيء بمعنى الجحد، تقول : وهل يقدر أحد على مثل هذا، وأما أنها تجيء بمعنى الاستفهام فظاهر، والدليل على أنها ههنا ليست بمعنى الاستفهام وجهان الأول : ما روي أن الصديق رضي الله عنه لما سمع هذه الآية قال : يا ليتها كانت تمت فلا نبتلي، ولو كان ذلك استفهاماً لما قال : ليتها تمت، لأن الاستفهام، إنما يجاب بلا أو بنعم، فإذا كان المراد هو الخبر، فحينئذ يحسن ذلك الجواب الثاني : أن الاستفهام على الله تعالى محال فلا بد من حمله على الخبر.
المسألة الأولى :
اختلفوا في الإنسان المذكور ههنا فقال : جماعة من المفسرين يريد آدم عليه السلام، ومن ذهب إلى هذا قال : إن الله تعالى ذكر خلق آدم في هذه الآية ثم عقب بذكر ولده في قوله :﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ﴾ [ الإنسان : ٢ ]، والقول الثاني : أن المراد بالإنسان بنو آدم بدليل قوله :﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ﴾ فالإنسان في الموضعين واحد، وعلى هذا التقدير يكون نظم الآية أحسن.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon