نبتليه معناه لنبتليه، وهو كقول الرجل : جئتك أقضي حقك، أي لأقضي حقك، وأتيتك أستمنحك، أي لأستمنحك، كذا قوله :﴿نَّبْتَلِيهِ﴾ أي لنبتليه ونظيره قوله :﴿وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ﴾ [ المدثر : ٦ ] أي لتستكثر.
المسألة الثانية :
نبتليه في موضع الحال، أي خلقناه مبتلين له، يعني مريدين ابتلاءه.
المسألة الثالثة :
في الآية قولان : أحدهما : أن فيه تقديماً وتأخيراً، والمعنى فجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه والقول الثاني : أنه لا حاجة إلى هذا التغيير، والمعنى إنا خلقناه من هذه الأمشاج لا للبعث، بل للابتلاء والامتحان.
ثم ذكر أنه أعطاه ما يصح معه الابتلاء وهو السمع والبصر، فقال :﴿فَجَعَلْنَا سَمِيعاً بَصِيراً﴾ والسمع والبصر كنايتان عن الفهم والتمييز، كما قال تعالى حاكياً عن إبراهيم عليه السلام :﴿لِمَ تَعْبُدُ مَالا يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ﴾ [ مريم : ٤٢ ] وأيضاً قد يراد بالسميع المطيع، كقوله سمعاً وطاعة، وبالبصير العالم يقال : فلان بصير في هذا الأمر، ومنهم من قال : بل المراد بالسمع والبصر الحاستان المعروفتان.
والله تعالى خصهما بالذكر، لأنهما أعظم الحواس وأشرفها.
قوله تعالى :﴿إِنَّا هديناه السبيل﴾ أخبر الله تعالى أنه بعد أن ركبه وأعطاه الحواس الظاهرة والباطنة بين له سبيل الهدى والضلال، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :