ولما كان الإنسان قد يسمح بما لا يلذ له قال :﴿على حبه﴾ أي حبه إياه حباً هو في غاية المكنة منهم والاستعلاء على قلوبهم لقلته وشهوتهم له وحاجتهم إليه كما قال تعالى :﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ [ آل عمران : ٩٢ ] ليفهم أنهم للفضل أشد بذلاً، ولهذا قال ـ ﷺ ـ :" لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم أي الصحابة ـ رضى الله عنه ـ م - ولا نصيفه " لقلة الموجود إذ ذاك وكثرته بعد ﴿مسكيناً﴾ أي محتاجاً احتياجاً يسيراً، فصاحب الاحتياج الكثير أولى ﴿ويتيماً﴾ أي صغيراً لا أب له ذكراً كان أو أنثى ﴿وأسيراً﴾ أي في أيدي الكفار أي أعم من ذلك، فيدخل فيه المملوك والمسجون والكافر الذي في أيدي المسلمين، وقد نقل في غزوة بدر أن بعض الصحابة ـ رضى الله عنه ـ م كان يؤثر أسيره على نفسه بالخبز، وكان الخبز إذ ذاك عزيزاً حتى كان ذلك الأسير يعجب من مكارمهم حتى كان ذلك مما دعاه إلى الإسلام، وذلك لأن النبي ـ ﷺ ـ لما دفعهم إليهم قال :" استوصوا بهم خيراً " ومن حكم الأسير الحقيقي كل مضرور يفعلون ذلك والحال أنهم يقولون بلسان الحال أو القال إن احتيج إليه إزاحة لتوهم المن أو توقع المكافأة مؤكدين إشارة إلى أن الإخلاص أمر عزيز لا يكاد أحد يصدق أنه يتأتى لأحد :﴿إنما نطعمكم﴾ أيها المحتاجون ﴿لوجه الله﴾ أي لذات الملك الذي استجمع الجلال والإكرام لكونه أمرنا بذلك، وعبر به لأن الوجه يستحيى منه ويرجى ويخشى عند رؤيته.


الصفحة التالية
Icon