فصل
قال الفخر :
المسألة الرابعة :
قوله :﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبّنَا﴾ يحتمل وجهين أحدهما : أن إحساننا إليكم للخوف من شدة ذلك اليوم لا لإرادة مكافأتكم والثاني : أنا لا نريد منكم المكافأة لخوف عقاب الله على طلب المكافأة بالصدقة، فإن قيل : إنه تعالى حكى عنهم الإيفاء بالنذر وعلل ذلك بخوف القيامة فقط، ولما حكى عنهم الإطعام علل ذلك بأمرين بطلب رضاء الله وبالخوف عن القيامة فما السبب فيه ؟ قلنا : الإيفاء بالنذر دخل في حقيقة طلب رضاء الله تعالى، وذلك لأن النذر هو الذي أوجبه الإنسان على نفسه لأجل الله فلما كان كذلك لا جرم ضم إليه خوف القيامة فقط، أما الإطعام، فإنه لا يدخل في حقيقة طلب رضا الله، فلا جرم ضم إليه طلب رضا الله وطلب الحذر من خوف القيامة.
المسألة الخامسة :
وصف اليوم بالعبوس مجازاً على طريقتين أحدهما : أن يوصف بصفة أهله من الأشقياء كقولهم : نهارك صائم، روي أن الكافر يحبس حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران والثاني : أن يشبه في شدته وضراوته بالأسد العبوس أو بالشجاع الباسل.
المسألة السادسة :
قال الزجاج : جاء في التفسير أن قمطريراً معناه تعبيس الوجه، فيجتمع ما بين العينين، قال : وهذا سائغ في اللغة يقال : اقمطرت الناقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ورمت بأنفها يعني أن معنى قمطر في اللغة جمع، وقال الكلبي : قمطريراً يعني شديداً وهو قول الفراء وأبي عبيدة والمبرد وابن قتيبة، قالوا : يوم قمطرير، وقماطر إذا كان صعباً شديداً أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء، قال الواحدي : هذا معنى والتفسير هو الأول.
فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١)