وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ﴾
"عَبُوساً" من صفة اليوم، أي يوماً تعبِس فيه الوجوه من هوله وشدته، فالمعنى نخاف يوماً ذا عبوس.
وقال ابن عباس يعبس الكافر يومئذ حتى يسيلَ منه عرَق كالقطران.
وعن ابن عباس : العَبُوس : الضَّيِّق، والقَمْطَرِير : الطويل ؛ قال الشاعر :
شدِيداً عبوساً قَمْطَرِيراً...
وقيل : القَمْطرير الشديد ؛ تقول العرب : يوم قَمْطرير وقُمَاطِر وعَصِيب بمعنًى ؛ وأنشد الفرّاء :
بنِي عَمِّنَا هل تَذْكُرونُ بَلاَءَنا...
عليكْم إذا ما كان يومٌ قُمَاطِرُ
بضم القاف.
واقمطر إذا اشتد.
وقال الأخفش : القمطرير : أشدّ ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء ؛ قال الشاعر :
ففرُّوا إذا ما الحرب ثار غُبارُها...
ولَجَّ بها اليومُ العَبُوسُ القُمَاطِرُ
وقال الكسائي : يقال اقمطر اليومُ وازمهر اقمطرارا وازمهرارا، وهو القمطرير والزمهرير، ويوم مُقْمَطِرّ إذا كان صعباً شديداً ؛ قال الهذليّ :
بَنُو الحرْبِ أُرْضِعْنا لهم مُقْمَطِرَّةٌ...
ومَنْ يُلْقَ مِنّا ذلكَ اليومَ يَهْرُبِ
وقال مجاهد : إنّ العُبوس بالشفتين، والقمطرير بالجبهة والحاجبين ؛ فجعلها من صفات الوجه المتغيّر من شدائد ذلك اليوم ؛ وأنشد ابن الأعرابيّ :
يَغْدُو على الصَّيْدِ يَعُودُ مُنْكَسِرْ...
ويَقْمَطِرُّ ساعةً ويَكْفَهِرُّ
وقال أبو عبيدة : يقال رجل قَمْطرير أي متقبض ما بين العينين.
وقال الزجاج : يقال اقمطرت الناقةُ : إذا رَفَعت ذَنَبها وجَمَعت قُطْرَيها، وزَمَّت بأنفها ؛ فاشتقه مِن القُطْر، وجعل الميم مزيدة.
قال أسد بن ناعِصة :
واصطليت الحروبَ في كلّ يومٍ...
باسِلِ الشَّرِّ قَمْطَرِيرِ الصَّباحِ