وفي قراءة عبد الله "وَدَانِيًا عَلَيْهِمْ" لتقدم الفعل.
وفي حرف أُبيّ "وَدَانٍ" رفع على الاستئناف ﴿ وَذُلِّلَتْ ﴾ أي سُخِّرت لهم ﴿ قُطُوفُهَا ﴾ أي ثمارها ﴿ تَذْلِيلاً ﴾ أي تسِخيراً، فيتناولها القائم والقاعد والمضطجع، لا يرد أيديهم عنها بُعدٌ ولا شوك ؛ قاله قتادة.
وقال مجاهد : إن قام أحد ارتفعت له، وإن جلس تدلّت عليه، وإن اضطجع دنت منه فأكل منها.
وعنه أيضاً : أرض الجنة من وَرِق، وترابها الزعفران، وطيبها مسك أذفر، وأصول شجرها ذهب وورِق، وأفنانها اللؤلؤ والزبرجد والياقوت، والثمر تحت ذلك كله ؛ فمن أكل منها قائماً لم تؤذِه، ومن أكل منها قاعداً لم تؤذِه، ومن أكل منها مضطجعاً لم تؤذِه.
وقال ابن عباس : إذا همَّ أن يتناول من ثمارها تدلّت إليه حتى يتناول منها ما يريد، وتذليل القطوف تسهيل التناول.
والقطوف : الثمار، الواحد قِطف بكسر القاف، سمّي به لأنه يُقطَف، كما سمّي الجَنَى لأنه يُجنى.
﴿ تَذْلِيلاً ﴾ تأكيد لما وصف به من الذِّل ؛ كقوله :﴿ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً ﴾ [ الإسراء : ١٠٦ ] ﴿ وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً ﴾ [ النساء : ١٦٤ ].
الماورديّ : ويحتمل أن يكون تذليل قطوفها أن تبرز لهم من أكمامها، وتخلص لهم من نواها.
قلت : وفي هذا بعدٌ ؛ فقد روى ابن المبارك، قال : أخبرنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس قال : نخل الجنة : جذوعها زُمُرُّد أخضر، وكَرَبُها ذهب أحمر، وسَعَفها كُسْوة لأهل الجنة، منها مُقطَّعاتهم وحُلَلهم، وثمرها أمثال القِلال والدِّلا، أشدّ بياضاً من اللَّبَن، وأحلى من العسل، وألين من الزُّبْد ليس فيه عَجَم.
قال أبو جعفر النحاس : ويقال المذلَّل الذي قد ذلّله الماءُ أي أرواه.


الصفحة التالية
Icon