وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (١) ﴾
﴿ هل ﴾ في كلام العرب قد يجيء بمعنى " قد " حكاه سيبويه، لكنها لا تخلو من تقرير وبابها المشهور الاستفهام المحض والتقرير أحياناً. فقال ابن عباس وقتادة هي هنا بمعنى " قد "، و﴿ الإنسان ﴾ يراد به آدم عليه السلام، و" الحين " : هي المدة التي بقي طيناً قبل أن ينفخ فيه الروح ؛ أي أنه شيء ولم يكن مذكوراً منوهاً به في العالم وفي حالة العدم المحض قبل ﴿ لم يكن شيئاً ﴾ ولا ﴿ مذكوراً ﴾، وقال أكثر المتأولين :﴿ هل ﴾ تقرير، و﴿ الإنسان ﴾ اسم الجنس، أي إذا تأمل كل إنسان نفسه علم بأنه قد مر ﴿ حين من الدهر ﴾ عظيم ﴿ لم يكن ﴾ هو فيه ﴿ شيئاً مذكوراً ﴾، أي لم يكن موجوداً، وقد يسمى الموجود ﴿ شيئاً ﴾ فهو مذكور بهذا الوجه، و" الحين " هنا : المدة من الزمن غير محدودة تقع للقليل والكثير، وإنما تحتاج إلى تحديد الحين في الإيمان، فمن حلف أن لا يكلم أخاه حيناً، فذهب بعض الفقهاء إلى أن الحين سنة، وقال بعضهم : ستة أشهر، والقوي في هذا أن ﴿ الإنسان ﴾ اسم جنس وأن الآية جعلت عبرة لكل أحد من الناس ليعلم أن الصانع له قادر على إعادته.


الصفحة التالية
Icon