أمشاج (حسن) عند بعضهم ونبتليه جواب بعد سؤال سائل قال كيف كان خلق الإنسان فقال نبتليه أي نختبره فجعلناه سميعاً بصيراً وقال جمع أمشاج نبتليه آخرون الوقف على آخر الآية على التقديم والتأخير أي فجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه وهو الكافي و الأمشاج الأخلاط واحدها مشج بفتحتين أو مشج كعدول أعدال أو مشيج كشريف وأشراف قاله ابن الأعرابي قال الزمخشري ومشجه ومزجه بمعنى والمعنى من نطفة امتزج فيها المان قاله السمين وقيل عروق النطفة وقيل ألوانها وقيل ماء الرجل وماء المرأة وهما لونان فماء الرجل أبيض ثخين وماء المرأة أصفر رقيق وأيهما علا ماؤه كان الشبه له قال أبو حاتم الوقف التام نبتليه وبه يتم المعنى لأنَّه في موضع الحال من فاعل خلقنا أي خلقناه حال كوننا مبتلين له أو من الإنسان وقال الفراء ليس بتام لأنَّ المعنى على التقديم والتأخير أي فجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه في الدنيا بالتكليف وغلط في هذا لآنَّ الآية ليس فيها لام ولا المعنى على ما قاله وقد يبتلى ويختبر وهو صحيح وإن لم يكن سميعاً بصيراً وردَّ عليه بعين ما علل به لأنَّ من شرط التام أن لا يتعلق بما بعده وتتم الفائدة بما دونه فإذا جعل على التقديم والتأخير فكيف يتم الوقف على نبتليه وأبى بعضهم هذا الوقف وجعل موضع نبتليه نصباً حالاً أي خلقناه مبتلين له أي مريدين ابتلاءه كقولك مررت برجل معه صقر صائداً به غداً أي قاصداً به الصيد غداً قال أبو عثمان أمشاج نبتليه ابتلى الله الخلق بتسعة أمشاج ثلاث مفتنات وثلاث كافرات وثلاث مؤمنات فالمفتنات سمعه وبصره ولسانه والكافرات نفسه وهواه وشيطانه والمؤمنات عقله وروحه وملكته فإذا أيد الله العبد بالمعونة سلط العقل على القلب فملكه وأسرت النفس الهوى فلا يجد إلى الجراءة سبيلاً فجانست النفس الروح وجانس الهوى العقل وصارت كلمة الله هي العليا وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة
سميعاً بصيراً (حسن)


الصفحة التالية
Icon