وقال طَيِّب الجمَّال : صَلَّيْتُ خَلْف سهل بن عبد الله العَتَمة، فقرأ "وَسَقَاهُمْ رَبَّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً" وجعل يُحرِّك شفتيه وفمه، كأنه يَمصُّ شيئاً، فلما فرغ قيل له : أتشرب أم تقرأ؟ فقال : والله لو لم أجد لذته عند قراءته كلذته عند شربه ما قرأته.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ هذا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً ﴾ أي يقال لهم : إنما هذا جزاء لكم أي ثواب.
﴿ وَكَانَ سَعْيُكُم ﴾ أي عملكم ﴿ مَّشْكُوراً ﴾ أي من قبل الله، وشكره للعبد قبول طاعته، وثناؤه عليه، وإثابته إياه.
وروى سعيد عن قتادة قال : غفر لهم الذَّنْب وشَكَر لهم الحُسْنى.
وقال مجاهد :"مَشْكُوراً" أي مقبولاً والمعنى متقارب ؛ فإنه سبحانه إذا قبل العمل شكره، فإذا شكره أثاب عليه بالجزيل، إذ هو سبحانه ذو الفضل العظيم.
روي " عن ابن عمر : أن رجلاً حَبَشِيًّا قال : يا رسول الله! فُضِّلتم علينا بالصُّوَر والألوان والنبوّة، أفرأيت إن آمنتُ بما آمنت به، وعملت بما عملت، أكائن أنا معك في الجنة؟ قال :"نعم والذي نفسي بيده إنه ليُرَى بياض الأسود في الجنة وضياؤه من مسيرة ألف عام" ثم قال النبيّ ﷺ :"من قال لا إله إلا الله كان له بها عند الله عَهْد، ومن قال سبحان الله والحمد لله كان له بها عند الله مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة" فقال الرجل : كيف نهلك بعدها يا رسول الله؟ فقال :"إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضعه على جبل لأثقله.
فتجيء النعمة من نِعم الله فتكاد أن تستنفذ ذلك كله إلا أن يلطف الله برحمته".
قال : ثم نزلت ﴿ هَلْ أتى عَلَى الإنسان حِينٌ مِّنَ الدهر ﴾ إلى قوله :﴿ وَمُلْكاً كَبِيراً ﴾ قال الحبشيّ : يا رسول الله! وإن عينيّ لترى ما ترى عيناك في الجنة؟ فقال النبيّ ﷺ :"نعم" فبكى الحبشيّ حتى فاضت نَفْسه.


الصفحة التالية
Icon