ولما أمره سبحانه بالصبر، وكان الأمر به مفهماً وجوده للمخالف، وكان المخالفون له ـ ﷺ ـ هم القسم المضاد للشاكر وهم الكفرة، وكان ما يدعونه إليه تارة مطلق إثم، وأخرى كفراً وتارة غير ذلك، ذكر النتيجة ناهياً عن القسمين الأولين ليعلم أن المسكوت عنه لا نهي فيه فقال :﴿ولا تطع منهم﴾ أي الكفرة الذين هم ضد الشاكرين ﴿آثماً﴾ أي داعياً إلى إثم سواء كان مجرداً عن مطلق الكفر أو مصاحباً له ﴿أو كفوراً﴾ أي مبالغاً في الكفر وداعياً إليه وإن كان كبيراً وعظيماً في الدنيا فإن الحق أكبر من كل كبير، وذلك أنهم كانوا مع شدة الأذى له ـ ﷺ ـ يبذلون له الرغائب من الأموال، والتمليك والتزويج لأعظم نسائهم على أن يتبعهم على دينهم ويكف عما هو عليه والنهي عن الأحد المبهم نهي عن كل منهما، فإن كلاًّ منهما في أنه يجب اجتنابه في رتبة واحدة ﴿وذروا ظاهر الإثم وباطنه﴾ [ الأنعام : ١٢٠ ] وكذا الانتهاء عنه لا يتحقق إلا بالانتهاء عن كل منهما، ولو عطف بالواو لم يفد ذلك لأن نفي الاثنين لا يستلزم نفي كل منهما، وأفهم ترتيب النهي على الوصفين أنه إذا دعاه الكفار إلى ما لا يتعلق به إثم ولا كفر جاز له قبوله.