السؤال الثالث : ما الفرق بين الآثم والكفور ؟ الجواب : الآثم هو المقدم على المعاصي أي معصية كانت، والكفور هو الجاحد للنعمة، فكل كفور آثم، أما ليس كل آثم كفوراً، وإنما قلنا : إن الآثم عام في المعاصي كلها لأنه تعالى قال :﴿وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افترى إِثْماً عَظِيماً﴾ [ النساء : ٤٨ ] فسمى الشرك إثماً، وقال :﴿وَلاَ تَكْتُمُواْ الشهادة وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءاثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [ البقرة : ٢٨٣ ] وقال ﴿وَذَرُواْ ظاهر الإثم وَبَاطِنَهُ﴾ [ الأنعام : ١٢٠ ] وقال :﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ [ البقرة : ٢١٩ ] فدلت هذه الآيات على أن هذا الإثم شامل لكل المعاصي، واعلم أن كل من عبد غير الله فقد اجتمع في حقه هذان الوصفان، لأنه لما عبد غيره، فقد عصاه وجحد إنعامه، إذا عرفت هذا فنقول في الآية قولان : الأول : أن المراد شخص معين، ثم منهم من قال : الآثم، والكفور هو شخص واحد وهو أبو جهل، ومنهم من قال : الآثم هو الوليد والكفور هو عتبة، قال القفال : ويدل عليه أنه تعالى سمى الوليد أثيماً في قوله :﴿وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ﴾ إلى قوله :﴿مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾ [ القلم : ١٠- ١٢ ] وروى صاحب الكشاف أن الآثم هو عتبة.
والكفور هو الوليد لأن عتبة كان ركاباً للمآثم متعاطياً لأنواع الفسوق والوليد كان غالياً في الكفر، والقول الأول أولى لأنه متأيد بالقرآن، يروى أن عتبة بن ربيعة قال للنبي ﷺ : ارجع عن هذا الأمر حتى أزوجك ولدي فإني من أجمل قريش ولداً وقال الوليد : أنا أعطيك من المال حتى ترضى، فإني من أكثرهم مالاً، فقرأ عليهم رسول الله ﷺ عشر آيات من أول حم السجدة إلى قوله