قلت لا تطع زيداً وعمراً فأطاع أحدهما كان غير عاص فإذا أبدلتها بأو فقد دللت على أن كل واحد منهما أهل لأن يعصى ويعلم منه النهي عن إطاعتهما معاً كما لا يخفى وأفاد جار الله إن أو باقية على حقيقتها وإن النهي عن إطاعتهما جميعاً إنما جاء من دلالة النص وهي المسمى مفهوم الموافقة بقسميه الأولى والمساوي فتأمل والمراد بالآثم والكفور جنسهما وتعليق النهي بذلك مشعر بعلية الوصفين له فلا بد أن يكون النهي عن الإطاعة في الاثم والكفر لا فيما ليس باثم ولا كفر والمراد ولا تطع مرتكب الاثم الداعي لك إليه أو مرتكب الكفر الداعي إليه أي لا تتبع أحداً من الآثم إذا دعاك إلى الاثم ومن الكفور إذا دعاك إلى الكفر فإنه إذا قيل لا تطع الظالم فهم منه لا تتبعه في الظلم إذا دعاك إليه ومنع هذا الفهم مكابرة فلا يتم الاستدلال بالآية على عدم جواز الاقتداء بالفاسق إذا صلى إماماً ثم إن التقسيم باعتبار ما يدعوان إليه من الكفر والإثم المقابل له لا باعتبار الذوات حتى يكون بعضهم آثماً وبعضهم كفوراً فيقال كيف ذلك وكلهم كفرة والمبالغة في كفور قيل لموافقة الواقع وهذا كقوله تعالى
﴿ ولا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ﴾ [ آل عمران : ١٣٠ ] واعتبار رجوعها إلى النهي كاعتبار رجوعها إلى النفي على ما قيل في قوله تعالى ﴿ وما ربك بظلام للعبيد ﴾ [ فصلت : ٤٦ ] كما ترى وقيل الآثم المنافق والكفور المشرك المجاهر وقيل الآثم عتبة بن ربيعة والكفور الوليد بن المغيرة لأن عتبة كان ركاباً للمآثم متعاطياً لأنواع الفسوق وكان الوليد غالياً في الكفر شديد الشكيمة في العتو وعن مقاتل أنهما قالا له ﷺ ارجع عن هذا الأمر ونحن نرضيك بالمال والتزويج فنزلت وقيل الكفور أبو جهل الآية نزلت فيه والأولى ما تقدم وفي النهي مع العصمة إرشاد لغير المعصوم إلى التضرع إلى الله تعالى والرغبة إليه سبحانه في الحفظ عن الوقوع فيما لا ينبغي.