وهوله، ثم فسر تعالى ذلك الذي عجب منه بقوله ﴿ ليوم الفصل ﴾ يعني بين الخلق في منازعتهم وحسابهم ومنازلهم من جنة أو نار، وفي هذه الآية انتزع القضاة الآجال في الأحكام ليقع فصل القضاء عند تمامها ثم عظم تعالى يوم الفصل بقوله :﴿ وما أدراك ما يوم الفصل ﴾ على نحو قوله تعالى :﴿ وما أدراك ما الحاقة ﴾ [ الحاقة : ٢ ] وغير ذلك، ثم أثبت الويل ﴿ للمكذبين ﴾ في ذلك اليوم، والمعنى ﴿ للمكذبين ﴾ به في الدنيا وبسائر فصول الشرع، و" الويل " : هو الحرب والحزن على نوائب تحدث بالمرء، ويروى عن النعمان بن بشير وعمار بن ياسر أن وادياً في جهنم اسمه " ويل ".
أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧)
قرأ جمهور القراء " ثم نتبعُهم " بضم العين على استئناف الخبر، وقرأ أبو عمرو فيما روي عنه " ثم نتبعْهم " بجزم العين عطفاً على ﴿ نهلك ﴾ وهي قراءة الأعرج وبحسب هاتين القراءتين يجيء التأويل في ﴿ الأولين ﴾، فمن قرأ الأولى جعل ﴿ الأولين ﴾ الأمم التي قدمت قريشاً بأجمعها، ثم أخبر أنه يتبع ﴿ الآخرين ﴾ من قريش وغيرهم سنن أولئك إذا كفروا وسلكوا سبيلهم. ومن قرأ الثانية جعل ﴿ الأولين ﴾ قوم نوح وإبراهيم ومن كان معهم، و﴿ الآخرين ﴾ قوم فرعون وكل من تأخر وقرب من مدة محمد صلى الله عليه وسلم. وفي حرف عبد الله " وسنتبعهم " ثم قال ﴿ كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ أي في المستقبل فتدخل هنا قريش وغيرها من الكفار، وأما تكرار ﴿ ويل يؤمئذ للمكذبين ﴾ في هذه السورة فقيل إن ذلك لمعنى التأكيد فقط، وقيل بل في كل آية منها ما يقتضي التصديق، فجاء الوعد على التكذيب بذلك الذي في الآية. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾