الصفة الثالثة : قوله تعالى :﴿وَلاَ يُغْنِى مِنَ اللهب﴾ يقال : أغن عني وجهك، أي أبعده لأن الغني عن الشيء يباعده، كما أن المحتاج يقاربه، قال صاحب "الكشاف" : إنه في محل الجر، أي وغيره مغن عنهم، من حر اللهب شيئاً، قال القفال : وهذا يحتمل وجهين أحدهما : أن هذا الظل إنما يكون في جهنم، فلا يظلهم من حرها، ولا يسترهم من لهيبها، وقد ذكر الله في سورة الواقعة الظل فقال :﴿فِى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ * لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ﴾ [ الواقعة : ٤٢- ٤٤ ] وهذا كأنه في جهنم إذا دخلوها، ثم قال :﴿لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ﴾ فيحتمل أن يكون قوله :﴿لاَّ ظَلِيلٍ﴾ في معنى :﴿لاَّ بَارِدٍ﴾ وقوله :﴿وَلاَ يُغْنِى مِنَ اللهب﴾ في معنى :﴿وَلاَ كَرِيمٍ﴾ أي لا روح له يلجأ إليه من لهب النار والثاني : أن تكوُّنَ ذلك إنما يكون قبل أن يدخلوا جهنم بل عندما يحسبون للحساب والعرض، فيقال لهم : إن هذا الظل لا يظلكم من حر الشمس ولا يدفع لهب النار، وفي الآية وجه ثان : وهو الذي قاله قطرب : وهو أن اللهب ههنا هو العطش يقال : لهب لهباً ورجل لهبان وامرأة لهبى.


الصفحة التالية
Icon