ثم وصف الظلّ فقال :﴿ لاَّ ظَلِيلٍ ﴾ أي ليس كالظلّ الذي بقى حرّ الشمس ﴿ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب ﴾ أي لا يدفع من لهب جهنم شيئاً.
واللهب ما يعلو على النار إذ اضطرمت، من أحمر وأصفر وأخضر.
وقيل : إن الشُّعَب الثلاث هي الضريع والزُّقُّوم والغِسْلين ؛ قاله الضحاك.
وقيل : اللهب ثم الشرر ثم الدخان ؛ لأنها ثلاثة أحوال، هي غاية أوصاف النار إذا اضطرمت واشتدت.
وقيل : عُنُق يخرج من النار فيتشعب ثلاث شعب.
فأما النور فيقف على رؤوس المؤمنين، وأما الدخان فيقف على رؤوس المنافقين، وأما اللهب الصافي فيقف على رؤوس الكافرين.
وقيل : هو السُّرَادق، وهو لسان من نار يحيط بهم، ثم يتشعب منه ثلاث شعب، فتظللهم حتى يُفْرَغ من حسابهم إلى النار.
وقيل : هو الظلّ من يَحْموم ؛ كما قال تعالى :﴿ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ * لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ ﴾ [ الواقعة : ٤٢-٤٤ ] على ما تقدّم.
وفي الحديث :" إن الشمس تدنو من رؤوس الخلائق وليس عليهم يومئذ لباس ولا لهم أكفان فتلحقهم الشمس وتأخذ بأنفاسهم ومُدَّ ذلك اليوم، ثم ينجّي الله برحمته من يشاء إلى ظلّ من ظلّه فهنالك يقولون :﴿ فَمَنَّ الله عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السموم ﴾ [ الطور : ٢٧ ] " ويقال للمكذبين :﴿ انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ من عذاب الله وعقابه ﴿ انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ ﴾.
فيكون أولياء الله جلّ ثناؤه في ظلّ عرشه أو حيث شاء من الظلّ، إلى أن يفرغ من الحساب ثم يؤمر بكل فريق إلى مستقرّه من الجنة والنار.
ثم وصف النار فقال :﴿ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقصر ﴾ الشرر : واحدته شررة.
والشرار : واحدته شرارة، وهو ما تطاير من النار في كل جهة، وأصله من شَرَّرَتُ الثوبَ إذا بسطته للشمس ليجفّ.
والقصر البناء العالي.
وقراءة العامة "كَالْقَصْرِ" بإسكان الصاد : أي الحصون والمدائن في العِظم وهو واحد القصور.