﴿ انطلقوا ﴾ أي خصوصاً فليس تكراراً للأول وقيل هو تكرار له وإن قيد بقوله تعالى :﴿ إلى ظِلّ ﴾ هو ظل دخان جهنم كما قاله جمهور المفسرين فهو كقوله تعالى ﴿ وظل من يحموم ﴾ [ الواقعة : ٤٣ ] وفيه استعارة تهكمية وقرأ رويس عن يعقوب انطلقوا بصيغة الماضي وهو استئناف بياني كأنه قيل فما كان بعد الأمر فقيل انطلقوا إلى ظل ﴿ ذِى ثلاث شُعَبٍ ﴾ متشعب لعظمه ثلاث شعب كما هو شأن الدخان العظيم تراه يتفرق تفرق الذوائب وفي بعض الآثار يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كالسرادق ويتشعب من دخانها ثلاث شعب فتظلهم حتى يفرغ من حسابهم والمؤمنون في ظل العرش وخصوصية الثلاث قيل أما لأن حجاب النفس عن أنوار القدس الحس والخيال والوهم أو لأن المؤدى إلى هذا العذاب هو القوة الوهمية الشيطانية الحالة في الدماغ والقوة الغضبية السبعية التي عن يمين القلب والقوة الشهوية البهيمية التي عن يساره ولذلك قيل تقف شعبة فوق الكافر وشعبة عن يمينه وشعبة عن يساره وقيل لأن تكذيبهم بالعذاب يتضمن تكذيب الله تعالى وتكذيب رسوله ﷺ فهناك ثلاثة تكذيبات واعتبر بعضهم التكذيب بالعذاب أصلاً والشعب الثلاث التكذيبان المذكوران وتكذيب العقل الصريح فتأمل وعن ابن عباس يقال ذلك لعبدة الصليب فالمؤمنون في ظل الله عز وجل وهم في ظل معبودهم وهو الصليب له ثلاث شعب.
﴿ لاَّ ظَلِيلٍ ﴾ أي لا مظلل وهو صفة ثانية لظل ونفى كونه مظللاً عنه والظل لا يكون إلا مظللاً للدلالة على أن جعله ظلاً تهكم بهم ولأنه ربما يتوهم أن فيه راحة لهم فنفى هذا الاحتمال بذلك وفيه تعريض بأن ظلهم غير ظل المؤمنين ﴿ وَلاَ يُغْنِى مِنَ اللهب ﴾ وغير مفيد في وقت من الأوقات من حر اللهب شيئاً وعد يغني بمن لتضمنه معنى يبعد واشتهر أن هذه الآية تشير إلى قاعدة هندسية وهي أن الشكل المثلث لا ظل له فانظر هل تتعقل ذلك.
إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢)