فصل


قال الفخر :
﴿ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) ﴾
نصب الأعمش ( يوم ) أي هذا الذي قص عليكم واقع يومئذ، اعلم أن هذا هو النوع السادس : من أنواع تخويف الكفار وتشديد الأمر عليهم، وذلك لأنه تعالى بين أنه ليس لهم عذر ولا حجة فيما أتوا به من القبائح، ولا قدرة لهم على دفع العذاب عن أنفسهم، فيجتمع في حقه في هذا المقام أنواع من العذاب أحدها : عذاب الخجالة، فإنه يفتضح على رءوس الأشهاد، ويظهر لكل قصوره وتقصيره وكل من له عقل سليم، علم أن عذاب الخجالة أشد من القتل بالسيف والاحتراق بالنار وثانيها : وقوف العبد الآبق على باب المولى ووقوعه في يده مع علمه بأنه الصادق الذي يستحيل الكذب عليه، على ما قال :﴿مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ﴾ [ ق : ٢٩ ] وثالثها : أنه يرى في ذلك الموقف خصماءه الذين كان يستخف بهم ويستحقرهم فائزين بالثواب والتعظيم، ويرى نفسه فائزاً بالخزي والنكال، وهذه ثلاثة أنواع من العذاب الروحاني ورابعها : العذاب الجسماني وهو مشاهدة النار وأهوالها نعوذ بالله منها فلما اجتمعت في حقه هذه الوجوه من العذاب بل ما هو مما لا يصف كنهه إلا الله، لا جرم قال تعالى في حقهم :﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ﴾ وفي الآية سؤالان :


الصفحة التالية
Icon