وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ المتقين فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ ﴾
أخبر بما يصير إليه المتقون غداً، والمراد بالظلال ظلال الأشجار وظلال القصور مكان الظلّ في الشعب الثلاث.
وفي سورة ياس ﴿ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأرآئك مُتَّكِئُونَ ﴾ [ ياس : ٥٦ ] ﴿ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ أي يتمنون.
وقراءة العامة "ظِلاَلٍ".
وقرأ الأعرج والزهريّ وطلحة "ظُلَلٍ" جمع ظُلّة يعني في الجنة.
﴿ كُلُواْ واشربوا ﴾ أي يقال لهم غداً هذا بدل ما يقال للمشركين ﴿ فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ﴾.
ف "كُلُوا واشربوا" في موضع الحال من ضمير "الْمُتَّقِينَ" في الظرف الذي هو "فِي ظِلاَلٍ" أي هم مستقرّون "فِي ظِلاَلٍ" مقولاً لهم ذلك.
﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين ﴾ أي نثيب الذين أحسنوا في تصديقهم بمحمد ﷺ وأعمالهم في الدنيا.
قوله تعالى :﴿ كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً ﴾
هذا مردود إلى ما تقدم قبلَ المتقين، وهو وعيد وتهديد وهو حال من "المُكَذِّبِينَ" أي الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم :﴿ كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً ﴾.
﴿ إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ ﴾ أي كافرون.
وقيل : مكتسبون فعلاً يضركم في الآخرة، من الشرك والمعاصي.
قوله تعالى :﴿ وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركعوا لاَ يَرْكَعُونَ ﴾
أي إذا قيل لهؤلاء المشركين :﴿ اركعوا ﴾ أي صلّوا ﴿ لاَ يَرْكَعُونَ ﴾ أي لا يصلون ؛ قاله مجاهد.
وقال مقاتل :" نزلت في ثقيف، امتنعوا من الصلاة فنزل ذلك فيهم.
قال مقاتل : قال لهم النبيّ ﷺ :"أسلموا" وأمرهم بالصلاة فقالوا : لا ننحني فإنها مَسبَّة علينا، فقال النبيّ ﷺ :"لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود" " يُذْكَر أن مالكاً رحمه الله دخل المسجد بعد صلاة العصر، وهو ممن لا يرى الركوع بعد العصر، فجلس ولم يركع، فقال له صبيّ : يا شيخ قم فاركع.