وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ المتقين ﴾
من الكفر والتكذيب لوقوعه في مقابلة المكذبين بيوم الدين فيشمل عصاة المؤمنين ﴿ فِى ظلال ﴾ جمع ظل ضد الضح وهو أعم من الفيء فإنه يقال ظل الليل وظل الجنة ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل ولا يقال الفىء إلا لما زال عنه الشمس ويعبر به أيضاً عن الرفاهة وعن العزة والمناعة وعلى هذا المعنى حمل الراغب ما في الآية والمتبادر منه ما هو المعروف ويؤيده ما تقدم في المقابل ﴿ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ﴾ [ المرسلات : ٣٠ ] الخ وقراءة الأعمش في ظلل جمع ظلة وأياً ما كان فالمراد من قوله تعالى :﴿ إِنَّ المتقين فِى ظلال ﴾ ﴿ وَعُيُونٍ ﴾.
﴿ وفواكه مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ إنهم مستقرون في فنون الترفه وأنواع التنعم.
﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ مقدر بقول هو حال من ضمير ﴿ المتقين ﴾ في الخبر كأنه قيل مستقرون في ذلك مقولاً لهم كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون في الدنيا من العمل الصالح بالإيمان وغير ذلك.
﴿ إِنَّا كَذَلِكَ ﴾ أي مثل ذلك الجزاء العظيم ﴿ نَجْزِى المحسنين ﴾ لاجزاء أدنى منه والمراد بالمحسنين المتقون السابق ذكرهم إلا أنه وضع الظاهر موضع الضمير مدحاً لهم بصفة الإحسان أيضاً مع الإشعار بعلة الحكم وجوز أن يراد بالمتقين والمحسنين الصالحون من المؤمنين ولا دليل فيه للمعتزلة على خلود العصاة أهل الكبائر في النار وغاية الأمر عدم التعرض لحالهم.
﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ حيث نال أعداؤهم هذا الثواب العظيم وهم بقوا في العذاب الأليم.
﴿ كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ ﴾ حال من المكذبين على ما ذهب إليه غير واحد من الأجلة أي الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم ذلك تذكيراً لما كان يقال لهم في الدنيا ولما كانوا أحقاء بأن يخاطبوا به حيث تركوا الحظ الكثير إلى النزر الحقير فيفيد التحسير والتخسير وعلى طريقته قوله