وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ ﴾
هو بتقدير القول، أي : يقال لهم توبيخاً وتقريعاً :﴿ انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ ﴾ في الدنيا، تقول لهم ذلك خزنة جهنم، أي : سيروا إلى ما كنتم تكذبون به من العذاب، وهو عذاب النار ﴿ انطلقوا إلى ظِلّ ذِى ثلاث شُعَبٍ ﴾ أي : إلى ظل من دخان جهنم قد سطع، ثم افترق ثلاث فرق تكونون فيه حتى يفرغ الحساب.
وهذا شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب شعباً.
قرأ الجمهور :﴿ انطلقوا ﴾ في الموضعين على صيغة الأمر على التأكيد، وقرأ رويس عن يعقوب بصيغة الماضي في الثاني، أي : لما أمروا بالانطلاق امتثلوا ذلك، فانطلقوا.
وقيل : المراد بالظل هنا هو السرادق، وهو لسان من النار يحيط بهم.
ثم يتشعب ثلاث شعب، فيظلهم حتى يفرغ من حسابهم، ثم يصيرون إلى النار.
وقيل : هو الظلّ من يحموم، كما في قوله :﴿ فِى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ ﴾ [ الواقعة : ٤٢، ٤٣ ] على ما تقدم.
ثم وصف سبحانه هذا الظلّ تهكماً بهم فقال :﴿ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِى مِنَ اللهب ﴾ أي : لا يظل من الحرّ، ولا يغني من اللهب.
قال الكلبي : لا يردّ حرّ جهنم عنكم.
ثم وصف سبحانه النار فقال :﴿ إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كالقصر ﴾ أي : كل شررة من شررها التي ترمي بها كالقصر من القصور في عظمها، والشرر : ما تطاير من النار متفرّقاً، والقصر : البناء العظيم.
وقيل : القصر جمع قصرة ساكنة الصاد مثل حمر وحمرة، وتمر وتمرة، وهي الواحدة من جزل الحطب الغليظ.
قال سعيد بن جبير، والضحاك : وهي أصول الشجر العظام.
وقيل : أعناقه.
قرأ الجمهور :﴿ كالقصر ﴾ بإسكان الصاد، وهو واحد القصور، كما تقدّم.
وقرأ ابن عباس، ومجاهد، وحميد، والسلمي بفتح الصاد، أي : أعناق النخل، والقصرة العنق جمعه قصر وقصرات.
وقال قتادة : أعناق الإبل.


الصفحة التالية
Icon