وموقع الجملة على كلا الاعتبارين موقع التعليل لما قبلها على كلا التقديرين فيما قبلها، ومن أجْل الإِشعار بهذا التعليل افتُتحت بـ ﴿ إنَّ ﴾ مع خلو المقام عن التردد في الخبر إذ الموقف يومئذٍ موقف الصدق والحقيقة، فلذلك كانت ﴿ إنَّ ﴾ متمحضة لإِفادة الاهتمام بالخبر وحينئذٍ تصير مُغنية غناء فَاء التسبب وتفيد مُفاد التعليل والربط كما تقدمت الإِشارة إليه عند قوله تعالى :﴿ إن البَقر تشابه علينا ﴾ [ البقرة : ٧٠ ] وتفصيلَه عند قوله :﴿ إنَّ أول بيت وُضِع للنَّاس للذي ببكة ﴾ في سورة آل عمران ( ٩٦ ).
والإِشارة بقوله : كذلك } إلى النعيم المشاهد إن كانت الجملة التي فيها إشارة موجهة إلى ﴿ المتقين ﴾، أو الإِشارة إلى النعيم الموصوف في قوله :﴿ في ظِلال وعيون ﴾ إن كانت الجملة المشتملة على اسم الإِشارة موجهة إلى المكذبين.
والجملة على كل تقدير تفيد معنى التذييل بما اشتملت عليه من شبه عموم كذلك، ومن عموم المحسنين، فاجتمع فيها التعليل والتذييل.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥)
هي على الوجه الأول في جملة ﴿ إنَّ المتقين في ظِلال وعيون ﴾ [ المرسلات : ٤١ ] تكرير لنظائرها واليوم المضاف إلى ( إذْ ) ذاتتِ تنوين العوض هو يوم صدور تلك المقالة.
وأما على الوجه الثاني في جملة ﴿ إن المتقين في ظِلال وعيون ﴾ [ المرسلات : ٤١ ] الخ فهي متصلة بتلك الجملة لمقابلة ذكر نعيم المؤمنين المُطْنَب في وصفه بذكر ضده للمشركين بإيجاز حاصل من كلمة ﴿ ويل ﴾ لتحصل مقابلة الشيء بضده ولتكون هذه الجملة تأكيداً لنظائرها، واليوم المضاف إلى ( إذ ) يومٌ غير مذكور ولكنه مما يقتضيه كون المتقين في ظِلال وعيون وفواكه ليعلم بأن ذلك يكون لهم في يوم القيامة.
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)