في المعاش وجهان أحدهما : أنه مصدر يقال : عاش يعيش عيشاً ومعاشاً ومعيشة وعيشة، وعلى هذا التقدير فلا بد فيه من إضمار، والمعنى وجعلنا النهار وقت معاش والثاني : أن يكون معاشاً مفعلاً وظرفاً للتعيش، وعلى هذا لا حاجة إلى الإضمار، ومعنى كون النهار معاشاً أن الخلق إنما يمكنهم التقلب في حوائجهم ومكاسبهم في النهار لا في الليل.
وسابعها قوله تعالى :
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (١٢)
أي سبع سموات شداداً جمع شديدة يعني محكمة قوية الخلق لا يؤثر فيها مرور الزمان، لا فطور فيها ولا فروج، ونظيره ﴿وَجَعَلْنَا السماء سَقْفاً مَّحْفُوظاً﴾ [ الأنبياء : ٣٢ ] فإن قيل لفظ البناء يستعمل في أسافل البيت والسقف في أعلاه فكيف قال :﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً﴾ ؟ قلنا البناء يكون أبعد من الآفة والانحلال من السقف، فذكر قوله :﴿وَبَنَيْنَا﴾ إشارة إلى أنه وإن كان سقفاً لكنه في البعد عن الانحلال كالبناء، فالغرض من اختيار هذا اللفظ هذه الدقيقة.
وثامنها قوله تعالى :
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣)
وثامنها : قوله تعالى :﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً﴾ كلام أهل اللغة مضطرب في تفسير الوهاج، فمنهم من قال الوهج مجمع النور والحرارة، فبين الله تعالى أن الشمس بالغة إلى أقصى الغايات في هذين الوصفين، وهو المراد بكونها وهاجاً، وروى الكلبي عن ابن عباس أن الوهاج مبالغة في النور فقط، يقال للجوهر إذا تلألأ توهج، وهذا يدل على أن الوهاج يفيد الكمال في النور، ومنه قول الشاعر يصف النور :
نوارها متباهج يتوهج.. وفي كتاب الخليل : الوهج، حر النار والشمس، وهذا يقتضي أن الوهاج هو البالغ في الحر واعلم أن أي هذه الوجود إذا ثبت فالمقصود حاصل.


الصفحة التالية
Icon