﴿ وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً ﴾ فيه إضمار، أي وقْتَ معاشٍ، أي مُتَصَرَّفاً لِطلب المعاش وهو كل ما يُعاش به من المطعم والمشرب وغير ذلك ف "معاشا" على هذا اسم زمان، ليكون الثاني هو الأول.
ويجوز أن يكون مصدراً بمعنى العيش على تقدير حذف المضاف.
﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً ﴾ أي سبع سموات محكمات ؛ أي محكمة الخلق وثيقة البنيان.
﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً ﴾ أي وقَّاداً وهي الشمس.
وجعل هنا بمعنى خلق ؛ لأنها تعدّت لمفعول واحد والوهاج الذي له وَهَج ؛ يقال ؛ وهَجَ يهِج وَهْجا ووَهَجاً ووَهَجَاناً.
ويقال للجوهر إذا تلالأ توهّج.
وقال ابن عباس : وهَّاجاً منيراً متلألئاً.
﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً ﴾ قال مجاهد وقتادة : والمعصِرات الرياح.
وقاله ابن عباس.
كأنها تَعْصِر السحاب.
وعن ابن عباس أيضاً : أنها السحاب.
وقال سفيان والربيع وأبو العالية والضحاك : أي السحائب التي تنعصِر بالماء ولما تُمْطر بعد، كالمرأة المُعْصِر التي قددنا حيضُها ولم تحض، قال أبو النجم :
تمشِي الهُوَينَى مائلاً خِمارُها...
قد أَعْصَرتْ أوقد دنا إعصارها
( وقال آخر ) :
فكان مجِني دون من كنت أتقِي...
ثَلاثُ شُخُوصٍ كاعِبان ومُعْصِرُ
وقال آخر :
وذِي أشُرٍ كالأُقْحوانِ يزِينهُ...
ذِهابُ الصَّبا والمُعْصِراتُ الرَّوائِحُ
فالرياح تسمى مُعْصرات ؛ يقال : أَعْصَرَت الريح تُعْصِر إعصاراً : إذا أثارت العجاج، وهي الإِعصار، والسحب أيضاً تسمى المُعْصِرات لأنها تمطر.
وقال قتادة أيضاً : المُعْصِرات السماء، النَّحَّاس : هذه الأقوال صحاح ؛ يقال للرياح التي تأتي بالمطر مُعْصرات، والرياح تلقح السحاب، فيكون المطر، والمطر ينزل من الريح على هذا.
ويجوز أن تكون الأقوال واحدة، ويكون المعنى وأنزلنا من ذوات الرياح المُعصِرات ﴿ مَآءً ثَجَّاجاً ﴾ وأصح الأقوال أن المعصرات : السحاب.


الصفحة التالية
Icon