بيانٌ لشأن المسؤولِ عنْهُ إثرَ تفخيمِه بإيهام أمرِه وتوجيِه أذهانِ السامعينَ نحوَه وتنزيلِهم منزلَه المستفهمينَ فأن إيرادَهُ عن طريقةِ الاستفهامِ من علاَّمِ الغيوبِ للتنبيهِ على أنَّه لانقطاعِ قرينِه وانعدامِ نظيرِه، خارجٌ عن دائرةِ علومِ الخلقِ، خليقٌ بأنْ يُعتنى بمعرفتِه ويُسألَ عنْهُ كأنَّه قيلَ عنْ أيِّ شيءٍ يتساءلُون هلْ أُخبرِكُم بِه ثمَّ قيلَ بطريقِ الجوابِ عن النبأِ العظيمِ على منهاجِ قولِه تعالى :﴿ لّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار ﴾ فعنْ متعلقةٌ بما يدلُّ عليهِ المذكورُ من مضمرٍ حقُّه أنْ يقدرَ بعدَها مسارعةً إلى البيانِ ومراعاةً لترتيبِ السؤالِ هذا هو الحقيقُ بالجزالةِ التنزيليةِ، وقد قيلَ هي متعلقةٌ بالمذكورِ وعمَّ متعلقٌ بمضمرٍ مفسرٍ بهِ وأيدَّ ذلكَ بأنَّه قُرِىءَ عَمَّه والأظهرُ أنَّه مبنيٌّ على إجراءِ الوصلِ مُجرى الوقفِ، وقيل : عن الأُولى للتعليل كأنَّه قيلَ : لمَ يتساءلونَ عنِ النبأِ العظيمِ. وقيل قبل عن الثانية استفهام مضمر كأنه قيل عمَّ يتساءلون عن النبأ العظيم والنبأُ الخبرُ الذي له شأنٌ وخطرٌ وقد وصفَ بقولِه تعالى :﴿ الذى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ﴾ بعد وصفِه بالعظيم تأكيداً لخطره إثرَ تأكيدٍ، وإشعاراً بمدار التساؤلِ عنه، وفيهِ متعلقٌ بمختلفونَ قدم عليه اهتماماً به ورعايةً للفواصلِ، وجعلُ الصلةِ جملةً اسميةً للدلالةِ على الثباتِ أي هُم راسخونَ في الاختلافِ فيهِ فمِن جازمٍ باستحالته يقولُ :


الصفحة التالية
Icon