وعَلَى الأرضِ ذاتِ الشجرِ، قال الفَرَّاءُ الجنةُ ما فيهِ النخيلُ والفردوسُ ما فيه الكَرْمُ والأولُ هو المرادُ. وقولُه تعالَى :﴿ أَلْفَافاً ﴾ أي ملتفةً تداخلَ بعضُها في بعضٍ، قالُوا لا واحدَ له كالأوزاعِ والأخيافِ، وقيلَ : الواحدُ لِفٌّ كَكِنَ وأكنانٍ أو لفيفٌ كشريفٍ وأشرافٍ، وقيلَ : هو جمعُ لف جمع لفَّاءَ، كخضر وخضراءَ وقيلَ : جمعُ ملتفةٍ بحذفِ الزوائدِ. واعلم أنَّ فيما ذكر من أنَّ أفعالَه عزَّ وجلَّ دلالةٌ على صحة البعثِ وحقِّيتِه من وجوه ثلاثةٍ : الأولُ : باعتبار قدرتِه تعالَى فإنَّ مَن قدرَ على إنشاءِ هذهِ الأفعالِ البديعةِ من غيرِ مثالٍ يحتذيهِ ولا قانونٍ ينتحيهِ كانَ على الإعادةِ أقدرَ وأقوى، الثَّانِي : باعتبار علمِه وحكمتِه فإنَّ من أبدعَ هذه المصنوعاتِ على نمطِ رائع مستتبعٍ لغاياتِ جليلةٍ ومنافعَ جميلةٍ عائدةً إلى الخلق يستحيلُ أنْ يفنيَها بالكلية ولا يجعلَ لها عاقبةً باقيةً، والثالثُ : باعتبار نفسِ الفعلِ فإنَّ اليقظةَ بعد النومِ أنموذجٍ للبعث بعد الموتِ يشاهدونَها كلَّ يومٍ وكَذا إخراجُ الحبِّ والنباتِ من الأرض الميتةِ بعاينونَه كلَّ حينٍ كأنَّه قيلَ : ألم نفعلْ هذهِ الأفعالَ الآفاقيةَ والأنفسيةَ الدالةَ بفنون الدلالاتِ على حقية البعثِ الموجبةِ للإيمان به فما لكُم تخوضونَ فيه إنكاراً وتتساءلونَ عنه استهزاءً. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٩ صـ ﴾