فإضافة نوم إلى ضمير المخاطبين ليست للتقييد لإخراج نوم غير الإنسان فإن نوم الحيوان كلِّه سبات، ولكن الإضافة لزيادة التنبيه للاستدلال، أي أن دليل البعث قائم بَيِّن في النوم الذي هو من أحوالكم، وأيضاً لأن في وصفه بسُبات امتناناً، والامتنان خاص بهم قال تعالى :﴿ هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ﴾ [ يونس : ٦٧ ].
والسُّبَات : بضم السين وتخفيف الباء اسم مصدر بمعنى السَبْتتِ، أي القطع، أي جعلناه لكم قطعاً لعمل الجسد بحيث لا بد للبدن منه، وإلى هذا أشار ابن الأعرابي وابن قتيبة إذ جعلا المعنى : وجعلنا نومكن راحة، فهو تفسير معنى.
وإنما أوثر لفظ ( سُبات ) لما فيه من الإشعار بالقطع عن العمل ليقابله قوله بعده ﴿ وجعلنا النهار معاشاً ﴾ [ النبأ : ١١ ] كما سيأتي.
ويطلق السُبات على النوم الخفيف، وليس مراداً في هذه الآية إذ لا يستقيم أن يكون المعنى : وجعلنا نومكم نوماً، ولا نوماً خفيفاً.
وفي "تفسير الفخر" : طعن بعض الملاحدة في هذه الآية فقالوا : السبات هو النوم فالمعنى : وجعلنا نومكم نوماً.
وأخذ في تأويلها وجوهاً ثلاثة من أقوال المفسرين لا يستقيم منها إلا ما قاله ابن الأعرابي أن السبات القطع كما قال تعالى :﴿ من إله غير اللَّه يأتيكم بليل تسكنون فيه ﴾ [ القصص : ٧٢ ] وهو المعنى الأصلي لتصاريف مادة سبت.
وأنكر ابن الأنباري وابن سِيدة أن يكون فعل سبَت بمعنى استراح، أي ليس معنى اللفظ، فمن فسر السُبات بالراحة أرَاد تفسير حاصل المعنى.


الصفحة التالية
Icon