عمليات التجوية والتعرية المقترنة بعمليات تحرك الصهارة الصخرية تحت الغلاف الصخري للأرض وفي داخله، وعمليات رفع الجبال لتحقيق التوازن الأرضي لفترات زمنية طويلة فإنها تنتهي بإنقاص سمك سلسلة الجبال إلي متوسط سمك لوح الغلاف الصخري الذي تتواجد عليه، وذلك بسحب جذور الجبال ( الامتدادات الداخلية للجبال ) من نطاق الضعف الأرضي ورفعها حتي تظهر علي سطح الارض، وبخروج جذور الجبال من نطاق الضعف الارضي الذي كانت طافية فيه كما تطفو جبال الجليد في مياه المحيطات، فإن الجبال تفقد القدرة علي الارتفاع إلي أعلي، وتظل عوامل التعرية في بريها حتي تسويها بسطح الأرض تقريبا وحينئذ تنكشف جذور الجبال، وبها من الثروات المعدنية ما لا يمكن أن يتواجد الا تحت مثل ظروف اوتاد الجبال التي تتميز بقدر هائل من الضغط والحرارة.
وعلي هذا النحو فإن الجبال قد لعبت ــ ولا تزال تلعب ــ دورا مهما في بناء قارات الأرض وفي الزيادة المستمرة لمساحة تلك القارات بإضافة الكتل الجبلية إلي حواف تلك القارات بطريقة مستمرة.
ومعني ذلك أن كل قارات الأرض بدأت بسلاسل من أقواس الجزر البركانية في وسط المحيط الغامر، وأن باصطدام تلك الجزر تكونت القارات علي هيئة أطواف ومنظومات و سلاسل وأحزمة جبلية معقدة، وأن تلك المرتفعات جعلت سطح الأرض علي درجة من وعورة التضاريس لا تسمح بعمرانها، ثم بدأت سلسلة من الصراع بين العمليات الأرضية الداخلية البانية للجبال والرافعة لها، والعمليات الهدمية الخارجية التي تبريها وتعريها، وفي نهاية هذا الصراع تنتصر العوامل الهدمية الخارجية فتسوي الجبال، وتخفض من ارتفاعاتها بالتدريج في محاولة للوصول بها إلي مستوي سطح البحر، ولذلك فإن كل سهول ومنخفضات اليابسة الحالية كانت في يوم من الايام جبالا شاهقة، ثم برتها عوالم التجوية والتحات والتعرية حتي أوصلتها إلي مستوياتها الحالية، وأن الكتل


الصفحة التالية
Icon