وبفهم دورة حياة الجبال ثبت أن كل نتوء أرضي فوق مستوي سطح البحر له امتداد في داخل الغلاف الصخري للارض يتراوح طوله بين ١٠ و ١٥ ضعف ارتفاعه، وكلما كان الارتفاع فوق مستوي سطح البحر كبيرا تضاعف طول الجزء الغائر في الأرض امتدادا إلي الداخل، وعلي ذلك فإن قمة مثل افرست لا يكاد ارتفاعها فوق مستوي سطح البحر يصل إلي تسعة كيلو مترات (٨٨٤٨ مترا ) لها امتداد في داخل الغلاف الصخري للارض يزيد عن المائة والثلاثين كيلو مترا، يخترق الغلاف الصخري للارض بالكامل ليطفو في نطاق الضعف الارضي، وهو نطاق شبه منصهر، لدن أي مرن، عالي الكثافة واللزوجة، تحكمه في ذلك قوانين الطفو كما تحكم جبال الجليد الطافية في مياه المحيطات، فكلما برت عوامل التعرية قمم الجبال ارتفعت تلك الجبال الي أعلي، وتظل عملية الارتفاع تلك حتي يخرج جذر الجبل من نطاق الضعف الأرضي بالكامل، وحينئذ يتوقف الجبل عن الحركة، ويتم بريه حتي يصل سمكه إلي متوسط سمك اللوح الارضي الذي يحمله، وبذلك يظهر جذر الجبل علي سطح الارض، وبه من الثروات الارضية ما لا يمكن ان يتكون إلا تحت ظروف استثنائية من الضغط والحرارة لا تتوفر إلي في جذور الجبال.
فسبحان الذي وصف الجبال من قبل ألف وأربعمائة سنة ( بالاوتاد ) وهي لفظة واحدة تصف كلا من الشكل الخارجي للجبل، وامتداده الداخلي ووظيفته، لأن الوتد اغلبه يدفن في الأرض، وأقله يظهر علي السطح، ووظيفته التثبيت، وقد اثبتت علوم الأرض في العقود المتأخرة من القرن العشرين أن هكذا الجبال، بعد ان ظل وصف الجبال الي مشارف التسعينيات من القرن العشرين قاصرا علي أنها مجرد نتوءات فوق سطح الأرض، واختلفوا في تحديد حد ادني لارتفاع تلك النتوءات الارضية اختلافا كبيرا، وفي السبق القرآني بوصف الجبال بأنها اوتاد تأكيد أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق وأن النبي الخاتم