فصل
قال الفخر :
ثم إنه تعالى ذكر بعض أحوال القيامة فأولها : قوله :﴿إن يوم الفصل كان ميقاتاً﴾
والمعنى أن هذا اليوم كان في تقدير الله، وحكمه جداً تؤقت به الدنيا، أو حداً للخلائق ينتهون إليه، أو كان ميقاتاً لما وعد الله من الثواب والعقاب، أو كان ميقاتاً لاجتماع كل الخلائق في فصل الحكومات وقطع الخصومات.
وثانيها : قوله تعالى :﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ﴾.
اعلم أن ﴿يوم ينفخ﴾ بدل من يوم الفصل، أو عطف بيان، وهذا النفخ هو النفخة التي عندها يكون الحشر، والنفخ في الصور فيه قولان : أحدهما : أن الصور جمع الصور، فالنفخ في الصور عبارة عن نفخ الأرواح في الأجساد والثاني : أن الصور عبارة عن قرن ينفخ فيه.
وتمام الكلام في الصور وما قيل فيه قد تقدم في سورة الزمر، وقوله :﴿فتأتون أفواجاً﴾ معناه أنهم يأتون ذلك المقام فوجاً فوجاً حتى يتكامل اجتماعهم.
قال عطاء كل نبي يأتي مع أمته، ونظيره قوله تعالى :﴿يوم ندعوا كل أناس بإمامهم﴾ [ الإسراء : ٧١ ] وقيل جماعات مختلفة، روى صاحب "الكشاف" عن معاذ أنه سأل رسول الله ﷺ عنه، فقال عليه السلام : يا معاذ سألت عن أمر عظيم من الأمور، ثم أرسل عينيه وقال : يحشر عشرة أصناف من أمتي بعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكسون أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها، وبعضهم عمى، وبعضهم صم بكم، وبعضهم يمضغون ألسنتهم وهي مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار، وبعضهم أشد نتناً من الجيف، وبعضهم ملبسون جباباً سابغة من قطران لازقة بجلودهم.
فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس.
وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت.