وقال ابن عطية :
﴿ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (١٧) ﴾
﴿ يوم الفصل ﴾ هو يوم القيامة، لأن الله تعالى يفصل فيه بين المؤمنين والكافرين، وبين الحق والباطل، و" الميقات " مفعال من الوقت، كميعاد من الوعد، وقوله :﴿ يوم ينفخ ﴾ بدل من اليوم الأول، و﴿ الصور ﴾ : القرن الذي ينفخ فيه لبعث الناس. هذا قول الجمهور، ويحتمل هذا الموضع أن يكون ﴿ الصور ﴾ فيه جمع صورة أي يوم يرد الله فيه الأرواح إلى الأبدان، هذا قول بعضهم في ﴿ الصور ﴾ وجوزه أبو حاتم، والأول أشهر وبه تظاهرت الاثار، وهو ظاهر كتاب الله تعالى في قوله ﴿ ثم نفخ فيه أخرى ﴾ [ الزمر : ٦٨ ] وقرأ أبو عياض " في الصوَر " بفتح الواو، و" الأفواج " الجماعات يتلو بعضها بعضاً، واحدها فوج، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر وشيبة والحسن :" وفتّحت "، بشد التاء على المبالغة، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي :" وفتَحت " دون شد، وقوله تعالى :﴿ فكانت أبواباً ﴾ قيل معناه : تتفطر وتتشقق حتى يكون فيها فتوح كالأبواب في الجدارات، وقال آخرون فيما حكى مكي بن أبي طالب : الأبواب هنا فلق الخشب التي تجعل أبواباً لفتوح الجدارات أي تتقطع السماء قطعاً صغاراً حتى تكون كألواح الأبواب. والقول الأول أحسن، وقال بعض أهل العلم : تتفتح في السماء أبواب الملائكة من حيث يصعدون وينزلون. وقوله تعالى :﴿ فكانت سراباً ﴾ عبارة عن تلاشيها وفنائها بعد كونها هباء منثباً، ولم يرد أن الجبال تعود تشبه الماء على بعد من الناظر إليها، و﴿ مرصاداً ﴾ : موضع الرصد، ومنه قوله تعالى :﴿ إن ربك لبالمرصاد ﴾ [ الفجر : ١٤ ]، وقد روي عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال :" لا يدخل أحد الجنة حتى يجوز على جهنم، فمن كانت عنده أسباب نجاة نجا وإلا هلك ". وقال قتادة : تعلمن أنه لا سبيل إلى الجنة حتى تقطع النار، وفي الحديث الصحيح :" إن الصراط جسر ينصب على متن جهنم ثم يجوز عليه الناس فناج ومكردس "، وقال بعض المتأولين :﴿ مرصاداً ﴾