وقرأ ابن عمر "كُذَّاباً" بضم الكاف والتشديد، جمع كاذب ؛ قاله أبو حاتم.
ونصبه على الحال الزمخشريّ.
وقد يكون الكُذَّاب : بمعنى الواحد البليغ في الكَذِب، يقال : رجل كُذّاب، كقولك حُسَان وبُخَّال، فيجعله صفة لمصدر "كَذَّبوا" أي تكذيباً كُذَّاباً مفرطاً كذبهُ.
وفي الصحاح : وقوله تعالى :﴿ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً ﴾ وهو أحد مصادر المشدّد ؛ لأن مصدره قد يجيء على ( تفعيل ) مثل التكليم وعلى ( فِعَّال ) كِذَّابٍ وعلى ( تفعِلة ) مثل توصِية، وعلى ( مُفَعَّلٍ ) ؛ "ومَزَّقْناهم كلَّ مُمَزَّقٍ".
﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ﴾ "كلَّ" نصب بإضمار فعل يدل عليه "أحصيناه" أي وأحصينا كل شيء أحصيناه.
وقرأ أبو السَّمَّال "وكلُّ شيءٍ" بالرفع على الابتداء.
"كِتاباً" نصب على المصدر ؛ لأن معنى أحصينا : كتبنا، أي كتبناه كتاباً.
ثم قيل : أراد به العلم، فإن ما كُتِب كان أبعد من النسيان.
وقيل : أي كتبناه في اللوح المحفوظ لتعرفه الملائكة.
وقيل : أراد ما كُتب على العباد من أعمالهم.
فهذه كتابة صدرت عن الملائكة الموكَّلين بالعباد بأمر الله تعالى إياهم بالكتابة ؛ دليله قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ ﴾ [ الانفطار : ١٠-١١ ].
﴿ فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً ﴾ " قال أبو بَرْزة : سألت النبيّ ﷺ عن أشد آية في القرآن؟ فقال :"قوله تعالى :﴿ فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً ﴾ " " أي ﴿ كلما نضِجَتْ جُلودُهْمَ بَدَّلناهم جلوداً غيرَها ﴾ [ النساء : ٥٦ ] و ﴿ كلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً ﴾ [ الإسراء : ٩٧ ]. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٩ صـ ﴾