يمضعونَ ألسنتَهُم فهيَ مدلاَّةٌ على صدورِهم يسيلُ القيحُ من أفواههم يتقذرهُم أهلُ الجمعِ وبعضُهم مقطعةٌ أيديهم وأرجلُهم وبعضُهم مصلَّبونَ على جذوعٍ من نارٍ وبعضُهم أشدّ نتناً من الجيف وبعضُهم يلبسونَ جباباً سابغةً من قطرانٍ لازقةً بجلودِهم فأمَّا الذينَ على صورةِ القردةِ فالقتَّاتُ من الناسِ وأمَّا الذينَ على صورة الخنازيره فأهلُ السحتِ وأمَّا المنكسونَ على وجوهِهم فأكلةُ الرِّبا وأما العميُ فالذينَ يجورونَ في الحكمِ وأمَّا الصمُّ والبكمُ فالمعجبونَ بأعمالِهم وأمَّا الذينَ يمضغُون ألسنتَهُم فالعلماءُ الذينَ خالفتْ أقوالُهم أعمالَهم وأما الذينَ قُطعتْ أيديهم وأرجلُهم فهم الذين يؤذونَ جيرانَهم وأما المصلبونَ على جذوعٍ من نارٍ فالسعاةُ بالناسِ إلى السلطانِ وأمَّا الذينَ هم أشدُّ نتناً من الجيفِ فالذينَ يتبعون الشهواتِ واللذاتِ ومنعُوا حقَّ الله تعالى في أموالِهم وأما الذينَ يلبسونَ الجبابَ فأهلُ الكبرِ والفخرِ والخُيلاَءِ ". ﴿ وَفُتِحَتِ السماء ﴾ عطفٌ على ينفخُ، وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على التحققِ. وقُرِىءَ فُتِّحتْ بالتشديدِ وهو الأنسبُ بقولِه تعالى :﴿ فَكَانَتْ أبوابا ﴾ أي كثُرتْ أبوابُها المفتحةُ لنزولِ الملائِكةِ نزولاً غيرَ مُعتادٍ حتى صارتْ كأنَّها ليستْ إلاَّ أبواباً مفتحةً كقولِه تعالى :﴿ وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً ﴾ كأنَّ كلها عيونٌ متفجرةٌ وهو المرادُ بقولِه تعالى :﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السماء بالغمام ﴾ وهو الغمامُ والذي ذُكرَ في قولِه تعالى :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله ﴾ أي أمرُه وبأسُه في ظلٍ من الغمامِ والملائكةِ وقيلَ : الأبوابُ الطرقُ والمسالكُ أي تكشطُ فينفتحُ مكانُها وتصيرُ طرقاً لا يسدُّها شيءٌ.