﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً ﴾ شروعٌ في تفصيل أحكامِ الفصلِ الذي أضيفَ إليه اليومُ إثرَ بيانِ هولِه، ووجهُ تقديمِ بيانِ حالِ الكفارِ غنيٌّ عن البيان. والمرصادُ اسمٌ للمكان الذي يُرصد فيه كالمضمارِ الذي هُو اسمٌ للمكان الذي يُضمَّر فيه الخيلُ والمنهاجُ اسمٌ للمكانِ الذي ينهجُ فيهِ أيْ أنَّها كانتْ في حكمِ الله تعالى وقضائِه موضعَ رصدٍ يرصدُ فيه خزنة النار الكفار ليعذبوهم فيها. ﴿ للطاغين ﴾ متعلق بمضمر هو إمَّا نعتٌ لمرصاداً أي كائناً للطاغينَ وقولُه تعالَى :﴿ مَئَاباً ﴾ بدلٌ منه أيْ مرجعاً يرجعونَ إليهِ لا محالةَ وإمَّا حالٌ مِنْ مآبا قُدمتْ عليهِ لكونِه نكرةٌ ولو تأخرتْ لكانتْ صفةً له وقد جُوِّزَ أنْ يتعلقَ بنفسِ مآبا على أنَّها مرصادٌ للفريقينِ مآبٌ للكافرينِ خاصَّة ولا يَخفى بُعدُه فإنَّ المتبادرَ من كونِها مرصاداً لطائفةٍ كونُهم معذبينَ بَها وقد قيلَ : إنَّها مرصادٌ لأهل الجنةِ يرصدُهم الملائكةُ الذين يستقبلونَهم عندَها لأنَّ مجازَهم عليها وهي مآبٌ للطاغين وقيل المرصاد صيغة مبالغة من الرصد، والمعنى أنها مجدة في ترصد الكفار لئلاَّ يشذَّ منُهم أحدٌ. وقرىء أنَّ بالفتحِ على تعليلِ قيامِ الساعةِ بأنَّها مرصادٌ للطاغينَ.