وقال ملا حويش :
تفسير سورة النبأ
عدد ٣٠ - ٨٠ - ٧٨
نزلت بمكة بعد سورة المعارج وهي أربعون آية، ومئة وثلاث وسبعون كلمة، وتسعمئة وسبعون حرفا، ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا بما ختمت به، ومثلها في عدد الآي سورة القيامة، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى :"عَمَّ" عن أي شيء "يَتَساءَلُونَ" ١ أهل مكة وأصلها (عن) الجارة و(ما) الاستفهامية أدغمت في بعضها وقد أعيد الضمير إلى الكفار مع عدم سبق ذكر لهم استغناء بحضورهم حسا، وقد ذكرنا غير مرة جواز عود الضمير إلى غير مذكور إذا كان مشهورا متعارفا أو معلوما بالقرينة كما هنا، وذلك أن حضرة الرسول دعاهم إلى التوحيد وحذرهم عاقبة الكفر والشرك وهول الآخرة، فصاروا يتساءلون بينهم عن يوم الآخرة الذي عظمه لهم أهو واقع أم لا، وما هو ذلك اليوم المهول، فأنزل اللّه تعالى هذه السورة وبين تساؤلهم "عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ" ٢ الخبر الجليل "الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ" ٣ بشأنه وماهيته، مع أنهم لم يعدّدوا له شيئا لهذا بدأهم بأداة الردع والزجر بقوله "كَلَّا" لا حاجة للاختلاف فيه والسؤال عنه، لأنهم لم يصدقوا به، ثم هددهم بقوله "سَيَعْلَمُونَ" ٤ ذلك حقا ويرونه بأم أعينهم بما فيه من أهوال وعذاب وكرر الزجر، فقال "ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ" ٥ كنه ما يتساءلون عنه وكيفيته.
وأعلم أن اللّه تعالى بدأ هذه السورة بما يضاهي السورة قبلها ويناسب آخرها، ولهذا


الصفحة التالية
Icon