والشرط الثاني : أن يقول : صواباً، فإن قيل : لما أذن له الرحمن في ذلك القول، علم أن ذلك القول صواب لا محالة، فما الفائدة في قوله :﴿وَقَالَ صَوَاباً﴾ ؟ والجواب من وجهين : الأول : أن الرحمن أذن له في مطلق القول ثم إنهم عند حصول ذلك الإذن لا يتكلمون إلا بالصواب، فكأنه قيل : إنهم لا ينطلقون إلا بعد ورود الإذن في الكلام، ثم بعد ورود ذلك الإذن يجتهدون، ولا يتكلمون إلا بالكلام الذي يعلمون أنه صدق وصواب، وهذا مبالغة في وصفهم بالطاعة والعبودية الوجه الثاني : أن تقديره : لا يتكلمون إلا في حق ﴿مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَاباً﴾ والمعنى لا يشفعون إلا في حق شخص أذن له الرحمن في شفاعته وذلك الشخص كان ممن قال صواباً، واحتج صاحب هذا التأويل بهذه الآية على أنهم يشفعون للمذنبين لأنهم قالوا صواباً وهو شهادة أن لا إله إلا الله، لأن قوله :﴿وَقَالَ صَوَاباً﴾ يكفي في صدقه أن يكون قد قال صواباً واحداً، فكيف بالشخص الذي قال القول الذي هو أصوب الأقوال وتكلم بالكلام الذي هو أشرف الكلمات القول الثاني : أن الاستثناء غير عائد إلى الملائكة فقط بل إلى جميع أهل السموات والأرض، والمقول الأول أولى لأن عود الضمير إلى الأقرب أولى.
واعلم أنه تعالى لما قرر أحوال المكلفين في درجات الثواب والعقاب، وقرر عظمة يوم القيامة قال بعده :
﴿ذَلِكَ اليوم الحق﴾