القائلون : بأن الخير يوجب الثواب والشر يوجب العقاب تمسكوا بهذه الآية، فقالوا : لولا أن الأمر كذلك، وإلا لم يكن نظر الرجل في الثواب والعقاب على عمله بل على شيء آخر والجواب عنه : أن العمل يوجب الثواب والعقاب، لكن بحكم الوعد والجعل لا بحكم الذات.
أما قوله تعالى :﴿وَيَقُولُ الكافر ياليتني كُنتُ ترابا﴾ ففيه وجوه : أحدها : أن يوم القيامة ينظر المرء أي شيء قدمت يداه، أما المؤمن فإنه يجد الإيمان والعفو عن سائر المعاصي على ما قال :﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾ وأما الكافر فلا يتوقع العفو على ما قال :﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ [ النساء : ٤٨ ] فعند ذلك يقول الكافر :﴿ياليتني كُنتُ ترابا﴾ أي لم يكن حياً مكلفاً وثانيها : أنه كان قبل البعث تراباً، فالمعنى على هذا.
يا ليتني لم أبعث للحساب، وبقيت كما كنت تراباً، كقوله تعالى :﴿ياليتها كَانَتِ القاضية﴾ [ الحاقة : ٢٧ ] وقوله :﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرسول لَوْ تسوى بِهِمُ الأرض﴾ [ النساء : ٤٢ ] وثالثها : أن البهائم تحشر فيقتص للجماء من القرناء ثم يقال لها بعد المحاسبة : كوني تراباً فيتمنى الكافر عند ذلك أن يكون هو مثل تلك البهائم في أن يصير تراباً، ويتخلص من عذاب الله وأنكر بعض المعتزلة ذلك.