قال القاضي أبو محمد : فالقيام فيه مستعار يراد ظهوره مثول آثاره، والأشياء الكائنة عن تصديقه أو تكذيبه ومع هذا ففي القول قلق، وقال مجاهد :﴿ الروح ﴾ خلق على صورة بني آدم يأكلون ويشربون وقال ابن عباس عن النبي ﷺ :" الروح خلق غير الملائكة لهم حفظة للملائكة كما الملائكة حفظة لنا "، وقال ابن عباس والحسن وقتادة :﴿ الروح ﴾ هنا اسم جنس : يراد به أرواح بني آدم والمعنى يوم تقوم الروح في أجسادها إثر البعث والنشأة الآخرة، ويكون الجميع من الإنس والملائكة ﴿ صفاً ﴾ ولا يتكلم أحد هيبة وفزعاً ﴿ إلا من أذن له الرحمن ﴾ من ملك أو نبي وكان أهلاً أن يقول ﴿ صواباً ﴾ في ذلك الموطن، وقال ابن عباس : الضمير في ﴿ يتكلمون ﴾ عائد على الناس خاصة و" الصواب " المشار إليه لا إله إلا الله، قال عكرمة أي قالها في الدنيا. وقوله تعالى :﴿ ذلك اليوم الحق ﴾ أي الحق كونه ووجوده، وفي قوله :﴿ فمن شاء اتخذ إلى ربه ﴾ مكاناً وعد ووعيد وتحريض، و" المآب " المرجع وموضع الأوبة، والضمير الذي هو الكاف والميم في ﴿ أنذركم ﴾ هو لجميع العالم وإن كانت المخاطبة لمن حضر النبي ﷺ من الكفار، و" العذاب القريب " : عذاب الآخرة، ووصفه بالقرب لتحقق وقوعه وأنه آت وكل آت قريب الجمع داخل في النذارة منه، ونظر المرء إلى ﴿ ما قدمت يداه ﴾ من عمل قيام الحجة عليه، وقال ابن عباس ﴿ المرء ﴾ هنا المؤمن، وقرأ ابن ابي إسحق :" المُرء " بضم الميم وضعفها أبو حاتم، وقوله تعالى :﴿ ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ﴾ قيل إن هذا تمنٍّ أن يكون شيئاً حقيراً لا يحاسب ولا يلتفت إليه، وهذا قد نجده في الخائفين من المؤمنين فقد قال عمر بن الخطاب : ليتني كنت بعرة، وقال أبو هريرة وعبد الله بن عمر : إن الله تعالى يحضر البهائم يوم القيامة فيقتص لبعضها من بعض ثم يقول لها من بعد ذلك : كوني تراباً، فيعود جميعها تراباً،