والثالث روى ابن عباس عن النبيّ ﷺ أنه قال :" الرُّوح في هذه الآية جندٌ من جنود الله تعالى، ليسوا ملائكة، لهم رُؤوس وأيد وأرجل، يأكلون الطعام " ثم قرأ ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً ﴾، فإن هؤلاء جُند، وهؤلاء جُند.
وهذا قول أبي صالح ومجاهد.
وعلى هذا هم خَلْق على صورة بني آدم، كالناس وليسوا بناس.
الرابع أنهم أشرافِ الملائكة ؛ قاله مقاتل بن حَيّان.
الخامس أنهم حَفَظَة على الملائكة ؛ قاله ابن أبي نجيح.
السادس أنهم بنو آدم، قاله الحسن وقتادة.
فالمعنى ذوو الروح.
وقال العَوَفي والقُرَظيّ : هذا مما كان يكتمه ابن عباس ؛ قال : الرُّوح : خلق من خلق الله على صور بني آدم، وما نَزَلَ مَلَك من السماء إلا ومعه واحد من الرُّوح.
السابع أرواح بني آدم تقوم صَفًّا، فتقوم الملائكة صفّاً، وذلك بين النفختين، قبل أن تردّ إلى الأجساد ؛ قاله عَطية.
الثامن أنه القرآن ؛ قاله زيد بن أسلم، وقرأ ﴿ وكذلك أوحَيْنا إِليك رُوحاً مِن أمرِنا ﴾ [ الشورى : ٥٢ ] و "صفًّا" : مصدر أي يقومون صُفوفاً.
والمصدر ينبيء عن الواحد والجمع، كالعدل والصوم.
ويقال ليوم العيد : يوم الصف.
وقال في موضع آخر :﴿ وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً ﴾ [ الفجر : ٢٢ ] هذا يدل على الصفوف، وهذا حينَ العرض والحساب.
قال معناه القُتَبيُّ وغيره.
وقيل : يقوم الروح صفاً، والملائكة صفاً، فهم صفان.
وقيل : يقوم الكل صفاً واحداً.
﴿ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ ﴾ أي لا يشفَعون ﴿ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن ﴾ في الشفاعة ﴿ وَقَالَ صَوَاباً ﴾ يعني حقًّا ؛ قاله الضحاك ومجاهد.
وقال أبو صالح : لا إله إلا الله.
وروى الضحاك عن ابن عباس قال : يَشفعون لمن قال لا إله إلا الله.
وأصل الصواب : السداد من القول والفعل، وهو من أصاب يصيب إصابة ؛ كالجواب من أجاب يجيب إجابة.