وفي الدهاق أقوال الأول : وهو قول أكثر أهل اللغة كأبي عبيدة والزجاج والكسائي والمبرد، و ﴿دِهَاقاً﴾ أي ممتلئة، دعا ابن عباس غلاماً له فقال : اسقنا دهاقاً، فجاء الغلام بها ملأى، فقال ابن عباس : هذا هو الدهاق قال عكرمة، ربما سمعت ابن عباس يقول : اسقنا وادهق لنا القول الثاني : دهاقاً أي متتابعة وهو قول أبي هريرة وسعيد بن جبير ومجاهد، قال الواحدي : وأصل هذا القول من قول العرب : أدهقت الحجارة إدهاقاً وهو شدة تلازمها ودخول بعضها في بعض، ذكرها الليث والمتتابع كالمتداخل القول الثالث : يروى عن عكرمة أنه قال :﴿دِهَاقاً﴾ أي صافية، والدهاق على هذا القول يجوز أن يكون جمع داهق، وهو خشبتان يعصر بهما، والمراد بالكأس الخمر، قال الضحاك : كل كأس في القرآن فهو خمر، التقدير.
وخمراً ذات دهاق، أي عصرت وصفيت بالدهاق.
وخامسها : قوله :
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (٣٥)
في الآية سؤالان :
الأول : الضمير في قوله :﴿فِيهَا﴾ إلى ماذا يعود ؟ الجواب فيه قولان الأول : أنها ترجع إلى الكأس، أي لا يجري بينهم لغو في الكأس التي يشربونها، وذلك لأن أهل الشراب في الدنيا يتكلمون بالباطل، وأهل الجنة إذا شربوا لم يتغير عقلهم، ولم يتكلموا بلغو والثاني : أن الكناية ترجع إلى الجنة، أي لا يسمعون في الجنة شيئاً يكرهونه.