في يومه وفي مدة عمره حيث تعتور عليه أحوال دينه ودنياه ومعاده، يطابق الأمر الخلق في التنزيل والتطور - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٥٨ ـ ٣٥٩﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الحكام﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى : الإدلاء مأخوذ من إدلاء الدلو، وهو إرسالك إياها في البئر للاستقاء يقال.
أدليت دلوي أدليها إدلاء فإذا استخرجتها قلت دلوتها قال تعالى :﴿فأدلى دَلْوَهُ﴾ [يوسف : ١٩]، ثم جعل كل إلقاء قول أو فعل أدلاء، ومنه يقال للمحتج : أدلى بحجته، كأنه يرسلها ليصير إلى مراده كإدلاء المستقي الولد ليصل إلى مطلوبه من الماء، وفلان يدلى إلى الميت بقرابة أو رحم، إذا كان منتسباً إليه فيطلب الميراث بتلك النسبة، طلب المستحق بالدلو الماء، إذا عرفت هذا فنقول : أنه داخل في حكم النهي، والتقدير : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، ولا تدلوا إلى الحكام، أي لا ترشوها إليهم لتأكلوا طائفة من أموال الناس بالباطل، وفي تشبيه الرشوة بالإدلاء وجهان
أحدهما : أن الرشوة رشاء الحاجة، فكما أن الدلو المملوء من الماء يصل من البعيد إلى القريب بواسطة الرشاء فالمقصود البعيد يصير قريباً بسبب الرشوة
والثاني : أن الحاكم بسبب أخذ الرشوة يمضي في ذلك الحكم من غير تثبت كمضي الدلو في الإرسال، ثم المفسرون ذكروا وجوهاً
أحدها : قال ابن عباس والحسن وقتادة : المراد منه الودائع وما لا يقوم عليه بينة
وثانيها : أن المراد هو مال اليتيم في الأوصياء يدفعون بعضه إلى الحاكم ليبقى عليهم بعضه
وثالثها : أن المراد من الحاكم شهادة الزور، وهو قول الكلبي
ورابعها : قال الحسن : المراد هو أن يحلف ليذهب حقه
وخامسها : هو أن يدفع إلى الحاكم رشوة، وهو أقرب إلى الظاهر، ولا يبعد أيضاً حمل اللفظ على الكل، لأنها بأسره أكل بالباطل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٠١﴾
وقال ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon